حراك عراقي لتشكيل الحكومة

00:25 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

تشهد الساحة العراقية مشاورات ومفاوضات مكثفة لتشكيل الحكومة الجديدة، بعدما سلّم الخاسرون بعدم إمكانية إلغاء الانتخابات النيابية التي أجريت في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وباتوا يدركون أنه لا مفر من قبول الأمر الواقع والتعاطي مع نتائج الانتخابات المعلنة، سعياً وراء الحصول على بعض المكاسب من خلال المشاركة في الحكومة.

من اللافت أن الخاسرين في الانتخابات، وتحديداً القوى المنضوية في «الإطار التنسيقي»، بدأوا مفاوضات مكثفة مع مختلف الأحزاب والقوى السياسية، في محاولة لتشكيل أوسع تحالفات تمكنهم من بلورة كتلة برلمانية كبرى والفوز بتشكيل الحكومة الجديدة، أو إقناع هذه القوى والأحزاب، على الأقل، بوجهة نظرهم الداعية إلى تشكيل حكومة شاملة تضم الجميع، لضمان مشاركتهم فيها، رغم ضآلة هذه الفرصة؛ إذ إن التيار الصدري الذي فاز بأكبر عدد من المقاعد البرلمانية، والذي يغرد منفرداً داخل طائفته، كان قد بدأ مبكراً مفاوضات مع الكتل الفائزة الأخرى لتشكيل حكومة أغلبية سياسية، بهدف إنهاء نظام المحاصصة السياسية والطائفية الذي كان سائداً في تشكيل الحكومات في مرحلة ما بعد عام 2003، والعمل على محاربة الفساد والمحصصات، واستعادة هيبة الدولة وحل الميليشيات، وحصر السلاح بيد الدولة وحدها.

ومن الواضح أن حراك القوى الخاسرة يأتي بعد إخفاقها في الحصول على مرادها عبر التصعيد الميداني والتظاهرات والاتهامات بالتزوير والتهديدات التي أطلقتها باللجوء إلى القوة، والتي وصلت إلى حد تهديد السلم الأهلي، وأفرزت مناخات حرب أهلية داخل الطائفة الواحدة، وبالتالي لم يعد أمامها من خيار سوى الرضوخ للأمر الواقع والاحتكام للقضاء، بعدما استنفدت فرص الطعون وإعادة الفرز والعد اليدوي.

بهذا المعنى، يمكن القول إن الدعوى القضائية التي قدمت للمحكمة الاتحادية كانت آخر فصل من فصول الأزمة الانتخابية التي نشأت في أعقاب إعلان النتائج الأولية واستمرت حتى إعلان النتائج النهائية ثم الاحتكام للقضاء. لكن ذلك لا يعني أن الطريق بات معبداً لتشكيل الحكومة، خصوصاً أن نتائج الانتخابات أفرزت ثنائيات داخل المكونات العراقية، فهناك التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، و«الإطار التنسيقي» الذي يضم كتلة «دولة القانون»، وتحالف «الفتح» الذي يمثل «الحشد الشعبي» والميليشيات المسلحة، وتحالف «قوى الدولة الوطنية» و«النصر» داخل المكون الشيعي.

وهناك تحالف «تقدم» و«العزم» داخل المكون السني، كما أن هناك ثنائي المكون الكردي المؤلف من الحزب الوطني الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، وهذه الثنائيات تحمل وجهين أحدهما إيجابي إذا ما تمكنت من توحيد مواقفها، كما في حالتي المكون السني (تقدم وعزم)، والمكون الكردي (الحزبان الكبيران)؛ حيث يمكن أن تسهل عملية تشكيل الحكومة، والآخر سلبي إذا ما أفسحت مجال التنافس فيما بينها، الأمر الذي سيعرقل المهمة وإطالة أمد تشكيل الحكومة والاستحقاقات الأخرى مثل انتخاب رئيسين للبرلمان والجمهورية.

لكن في المحصلة النهائية، يبقى الأمر مرهوناً بقدرة الطرفين، الفائز والخاسر في الانتخابات على إقناع التكتلات الأخرى بالاصطفاف إلى جانب أي منهما بعد تلبية الاستحقاقات والاستجابة لشروط المكونات الأخرى.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"