الاتحــاد الأوروبــي يطالب روسيا بتعويضات

21:23 مساء
قراءة 3 دقائق

د. محمد الصياد *

في إطار التسييس المتصاعد بين الغرب وروسيا (والصين أيضاً)، والذي يطاول فضاء العلاقات الاقتصادية القائمة بينهما، رفع الاتحاد الأوروبي دعوة لجهاز فض المنازعات في منظمة التجارة العالمية ضد روسيا، يطالبها فيها بدفع تعويضات تصل إلى نحو 328 مليار دولار، بسبب سياسة إحلال الواردات Import substitution، التي اتبعتها روسيا (استخدامها بشكل متزايد لمنتجاتها الوطنية تفضيلاً على المنتجات المستوردة)، والتي تسببت في خسائر للمصنعين الأوروبيين، وفقاً لموقف المفوضية الأوروبية في بروكسل.

موقع منظمة التجارة العالمية على الإنترنت، يشير إلى أن جهاز فض المنازعات في المنظمة، قبل يوم 20 ديسمبر 2021، نظر الدعوى وقام بتشكيل لجنة من 3 خبراء تجاريين، للبت فيها وإصدار قرار أوّلي بشأنها. وكانت المنظمة قد نشرت على موقعها يوم 29 نوفمبر 2021، أن الشركات التي تديرها الحكومة الروسية قدمت عطاءات بقيمة نحو 290 مليار يورو في عام 2019، وأن الاتحاد الأوروبي يطالب روسيا بإلغاء إجراءات سياسة إحلال الواردات الروسية أو تعديلها على أساس أنها تتعارض مع قواعد منظمة التجارة العالمية.

كانت مفوضية الاتحاد الأوروبي قد ادعت في بيان لها في شهر يوليو 2021 بعدم شرعية ثلاثة إجراءات روسية تقول إنها تقيد أو تمنع شركات الاتحاد الأوروبي من بيع السلع والخدمات للشركات الروسية المملوكة للدولة. واعتبرت أن تلك الإجراءات تنتهك بشكل جماعي «حظوة الدولة بأفضل المعاملات» (MFN) لمنظمة التجارة العالمية، والذي يُطالب أعضاء المنظمة بمعاملة المنتجين الأجانب والمحليين بطريقة غير تمييزية.

وبحسب المزاعم الأوروبية، فإنه منذ عام 2015، وسّعت روسيا تدريجياً من سياسة إحلال الواردات من خلال استخدام قيود وحوافز مختلفة استهدفت الاستعاضة عن السلع والخدمات الأجنبية في عقود الشراء الحكومية بأخرى تنتجها كيانات مرتبطة بالدولة، وكيانات قانونية في المشاريع الاستثمارية التي تمولها الدولة. يحدث ذلك من خلال قيام الدولة الروسية بتقديم خصم قدره 15% (يصل إلى 30% بحسب صحيفة دعوى المفوضية الأوروبية) من السعر المعروض للمنتجات أو الخدمات المحلية الخاصة بالكيانات الروسية. وبعد إرساء عطاءات هذه المنتجات والخدمات على كيان روسي، يتم دفع السعر بالكامل لاحقاً. ولا تستفيد منتجات وخدمات الكيانات الأجنبية من نسبة الخصم البالغة 15%، ما يضعها في وضع تمييزي مقارنة بالكيانات الروسية. إضافة الى ذلك فإن الشركات الروسية التي ترغب في شراء منتجات هندسية معينة في الخارج، تحتاج إلى تصريح من لجنة إحلال الواردات الروسية. وتدعي المفوضية الأوروبية أنها تعتقد بأن هذه التصاريح يتم منحها بصورة تعسفية وليس على أساس الحاجة إلى شراء منتجات هندسية محلية. أيضاً، وبحسب الدعوى، فإن هناك اشتراطاً للمشاركة في مناقصات المشتريات الحكومية الخاصة بنحو 250 منتجاً، بما فيها المركبات، والآلات، والأجهزة الطبية، ومنتجات الملابس الجاهزة والمنسوجات، بأن يكون مكونها المحلي يتضمن ما يصل إلى 90% من قيمتها.

تستند الدعوى الأوروبية على مبدأ «حظوة الدولة بأفضل المعاملات» (Most Favored Nation – MFN)، الذي يشكل مع مبدأ «المعاملة الوطنية»، حجر الزاوية في نظام التجارة متعدد الأطراف لمنظمة التجارة العالمية. وقد تم تضمينهما في الاتفاقيات الرئيسية لمنظمة التجارة العالمية (الجات 1994 GATT94، وGATTS، واتفاقية الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية TRIPS، واتفاقية الصحة والصحة النباتية، واتفاقية العوائق أمام التجارة وبقية الاتفاقيات. وهما مستمدان من المادتين الأولى والثالثة من الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة («جات») لعام 1947 المتعلقة بالسلع، والتي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من المنظومة القانونية لمنظمة التجارة العالمية. وفي المعاملات السلعية، فإن مبدأ «حظوة الدولة بأفضل المعاملات»، يعني معاملة غير تمييزية بين منتجات الدول الأعضاء في المنظمة، فيما يعني مبدأ المعاملة الوطنية، معاملة غير تمييزية بين السلع المستورَدة والسلع المنتَجة محلياً.

فكيف كان الرد الروسي على الدعوى الأوروبية بالتعويض؟ هذا ما سنعرضه لاحقاً.

* كاتب بحريني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"