نوستراداموسيات فيروسية

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

ماذا يقصد بيل جيتس من غرائبية تصريحاته؟ من ناحية، هو وحيد عصره، فليس لثلثي البشرية الاستغناء عن برمجياته الرائدة، «نوافذه»، التي ترى عيون الحواسيب من خلالها عوالم الشبكة، والخدمات المتنوعة التي تضعها برمجيات المكتب «أوفيس» تحت تصرف مئات الملايين في كل القارات، بل إنه من عشاق المعرفة، فلا ينفك ينصح الناس بقراءة الكتب التي يقتنع بأنها مناهل زاخرة بكل مفيد، لكن في المقابل يتقلب مزاجه بين الحين والحين، فإذا غربان البين تتطاير من فمه، منذرة الإنسانية جمعاء بوباء آتٍ تغدو كل جائحة قبله أهون من رفّة جناح فراشة. 
آخر صيحة لديه كانت: أبشروا فإن «أوميكرون» يحمل في طياته نهاية «كورونا»، لكنّ وريثه سيكون أدهى بكثير.
من يجرؤ على السؤال: من أين لك هذا؟ أوَ ليس إطلاق هذه الأقوال المرعبة دليلاً على معلومات مستقاة من مصادر تعلم المحجوب؟ هل ثمّة عصفورة أو هدهد أو جنيّة من وادي عبقر السيليكون، جاءتك بالخبر اليقين أو ألهمتك بما سيكون وبالاً على المليارات؟ أوَ ليس من حق وسائط الإعلام في العالم أن تسأل: على أيّ محمل يؤخذ كلام في هذا المستوى من الأهمية؟ لا شك في أن شخصاً في مكانته لا يمكن أن يرسل كلامه على سبيل الدعابة والفكاهة. إذا كان فيروس «كوفيد التاسع عشر»، قد أنهك اقتصاد العالم بخسائر قدّرت بثلاثين تريليون دولار، فهل تستطيع دول الكوكب ألاّ تكترث للهول الذي سيجعل الثلاثين ألف مليار رقماً هيّناً؟ في الكثير من البلدان لو فاه شخص بكلام من هذا القبيل، لألقوا به وراء القضبان بتهمة نشر الشائعات والإضرار بالأمن العام والمصالح الاقتصادية، أمّا في محفل مثل «مؤتمر ميونيخ الأمني» الأخير، يقول فيه الرجل «إنني أرجّح أن يكون الوباء المقبل أخطر»، فلا أحد من الحاضرين يشعر بأن في كلامه شيئاً عجباً. 
لم يمازحه أحد قائلاً: شكراً على إضافة فقرة للتنجيم إلى جدول أعمال المؤتمر، لكنك لم تخبرنا بالمصدر، يبدو أنه القمر في برج العقرب، الذي هو هو نذير نحس وشؤم.
لزوم ما يلزم: النتيجة الفهلوية: بيل جيتس يعشق التألق للتألق، يقطع 6800 كم بين واشنطن وميونيخ، ليطلق بالون تنجيم لا يفهم أحد الهدف منه. المهم جعل رأس العالم يدور كالخذروف.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"