الحرفيون يصنعون الفَرق

00:19 صباحا
قراءة دقيقتين

في زمن وسائل التواصل صار «تويتر» بالدرجة الأولى هو المنبر الذي يعتليه المشاهد كي يقول كلمته بعد انتهاء كل حلقة من أي مسلسل وبرنامج يعرض في رمضان، ويشهد «تويتر» معارك طاحنة بين محبي هذا النجم أو العمل ومنتقديه، وكلما احتد الجدل ارتفعت أسهمه وصار «ترند» بسرعة البرق. ولعل خير مثال هو ما حصل مع الفنان ياسر جلال الذي تصدر «الترند» بعد عرض الحلقة الأولى من مسلسل «الاختيار ٣» حيث يجسد شخصية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ويؤديه بإتقان شديد وحرفية عالية تبهر كل من يشاهد العمل بنظرة فنية وبنظرة محايدة وكل من يشاهد بحب دون خلفية سياسية معادية لمصر ومنحازة ل «الإخوان».

دعونا نتوقف عند الحرفيين الذين يعملون في الكواليس ويجيدون صناعة الفن بإتقان يُترجم على الشاشة إبداعاً يستوقف كل مشاهد ويترك بصمة نجاح وتميز للعمل بأكمله. كل الضجة التي أثارها مظهر ياسر جلال ومشيته وطريقة كلامه ونبرة صوته ونظرته ولغة جسده، لا تعود إلى مهارة جلال ودقته في دراسة الشخصية والتدرب عليها كثيراً وجيداً كي يتواءم معها وكأنهما واحد، بل يسبقه إلى النجاح في تقديم هذه الشخصية بكل تفاصيلها وبهذه الدقة، فريق عمل لا نراه على الشاشة، على رأسه المخرج بيتر ميمي الصنايعي بامتياز، تشعر وكأنه ينحت الشخصيات بإزميله لتنطق بهذا الشكل، ولذلك يواصل إبهارنا ويصنع الدهشة للعام الثالث على التوالي.

ميمي برع في اختيار الممثل المناسب للدور المناسب، وهذا ينطبق على كل الشخصيات وليس فقط على ياسر جلال، فصبري فواز مقنع جداً بأدائه الرئيس الأسبق محمد مرسي، ولا يحتاج أحد لذكر اسم الشخصية كي تفهم أن خالد الصاوي هو خيرت الشاطر، وعبد العزيز مخيون هو مرشد «الإخوان»، وأحمد بدير هو المشير طنطاوي، بالإضافة طبعاً إلى باقي الشخصيات في المسلسل والدقة المتناهية التي يعمل بها المخرج في كل تفاصيل المسلسل، تقابله دقة في كتابة المؤلف هاني سرحان وكل من عمل في الديكور والماكياج والتصوير..

خلف الكواليس حرفيون يصنعون الفَرق إذا أتقنوا الصنعة، ومن هنا يجعلونك تعيش معهم في عالم القصة وتصدقها، أو تبقى مجرد متفرج يسلي وقته ويمضي. الحرفيون موجودون في أكثر من عمل، منهم المخرج حسين المنباوي الذي تميز من الحلقة الأولى من مسلسل «جزيرة غمام» تأليف عبد الرحيم كمال، بخروجه عن النمطية في التصوير الدرامي ومن أجواء الاستوديوهات، تشعر وكأنك تشاهد عملاً سينمائياً.

الأعمال المميزة تفرض نفسها وتتصدر، ولولا حرفية صناعها لما استحقت التميز منذ الحلقة الأولى.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"