«مين قال».. صوت الشباب

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

لو عُدت بذاكرتك إلى الوراء، أو نبشت في أوراق الدراما العربية عموماً، ستجدها مخاطبة الكبار أولاً والعائلات ثانياً، واتجاهها الاجتماعي بقي محصوراً في مناقشة قضايا اجتماعية عامة، ولم يخطر في بال المؤلفين مخاطبة الشباب بشكل عملي وواقعي بعيداً عن الكوميديا. ولم تتناول الدراما قضية تخص الشباب وهُم أبطالها ومحرّكو أحداثها إلا فيما ندر، بل بقيت تلك الفئة جزءاً من الكل، أي أن كل مسلسل يضم بطبيعة الحال شباباً ومراهقين، ويعرض مشاكلهم كجزء من الأسرة ومن المجتمع، بينما هذا الموسم نشاهد دراما أبطالها شباب، وقضاياهم هي المحور والأساس، ووجود الآباء والكبار هو التحصيل الحاصل. 

«مين قال» دراما تخرج عن المألوف، تحاكي الشباب وتحكي عنهم، والمهم أنها تناقش قضية مهمة وواقعية ونجدها في كثير من البيوت العربية، لذلك تجد البطولة الأولى فيها لأحمد داش وجمال سليمان، الابن (شريف)، ووالده (جلال)، ويليهما باقي أفراد الأسرة وأصدقاء شريف.

لا غرام ولا انتقام، وليست المخدرات ولا البلطجة هي قضية وأزمة المراهقين، كما اعتدنا في المسلسلات الاجتماعية، مجدي أمين (فكرة وسيناريو) وشاركه في الكتابة عبدالعزيز النجار ومنى الشيمي من «ورشة سرد» لمريم ناعوم، اختاروا العمل بمنطق، ونقل معاناة كثير من الشباب إلى الشاشة، وهي قضية اختيار التخصص بعد الثانوية العامة، وتحديد مهنة المستقبل، شريف عمل جهده كي لا يحصل على مجموع عال في الثانوية العامة، لأن عينه على التجارة، ويعلم جيداً أن والده يريده أن يصبح مهندساً، لكن النتيجة تأتي عكس رغبته، الكل سعيد بالنتيجة إلا شريف، والده الدكتور جلال يخطط مستقبل ابنه، ويدخله جامعة خاصة ليكون «باش مهندس»، وشريف المهذب والموهوب في الحرف اليدوية والمهووس بالتجارة وسبق أن مارسها في عطلته الصيفية ببيع أشياء أونلاين، يحاول إقناعه بحبه للتجارة لا الهندسة، لكنه يرضخ أمام إصرار وتعنت الأب، فيدخل الهندسة ظاهرياً بينما يمارس التجارة عملياً، وفي السر. 

بالتوازي مع مشكلة شريف نتابع مشاكل رفاقه والتي هي أيضاً تنقل واقع ما يعيشه شباب اليوم، وبنفس أسلوبهم وتفكيرهم وأحلامهم وأخطائهم.. نادين خان مخرجة المسلسل تقدمه بطريقة بسيطة، لا حشو ولا تطويل ولا بطء، الإيقاع شبابي ملائم لطبيعة العمل.  أحمد داش دخل بقوة عالم التمثيل واستحق البطولة الأولى، ويجسد بنجاح رحلة الحماس والتخبط والصدق والكذب والصراع النفسي والخوف من الأب والرغبة في المواجهة.. برفقة داش مجموعة من الممثلين الشباب الموهوبين ديانا هشام وإلهام صفي الدين وهنا داوود وأميرة أديب وعمرو جمال.. برفقة النجوم جمال سليمان ونادين وجمال عبد الناصر. 

جمال سليمان مازال حتى الآن مرتبكاً باللهجة المصرية، تشعر بأنها تعيقه في التعبير بقوة وعمق في بعض المشاهد التي تحتاج منه إلى الأداء المتميز. «مين قال» نجح في كسر القوالب التقليدية للدراما، ونجح في حمل صوت الشباب في قضية مصيرية مهمة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"