الفلسطينيون والانتخابات الإسرائيلية

00:46 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. ناجي صادق شراب

الفلسطينيون والإسرائيليون هم الأكثر تأثراً بالانتخابات الإسرائيلية المقبلة ومخرجاتها. ورغم غياب قضايا السلام والتفاوض من برامج الأحزاب الإسرائيلية ، فإن القضية الفلسطينية تعبًر عن نفسها في القضايا الأخرى كالاستيطان والتهويد ورفض قيام الدولة والقدس وشرعنة الإستيطان، رغم أن الصوت الفلسطيني قد يكون غير حاضر لكنه الأكثر تأثيراً في توجهات السلوك السياسي في أية انتخابات إسرائيلية . 

 والحضور التصويتي يكون فقط في فلسطينيي الداخل الذين يمثلون عشرين في المئة من سكان إسرائيل، ولهم حضور في قوائمهم الحزبية ، وكانت لهم أول مشاركة في حكومة بينت لا بيد من خلال القائمة الموحدة برئاسة عباس منصور. ولا شك أن الحكومة القائمة وشكل الإئتلافات الحكومية تؤثر في القضية من ناحية واحتمالات التسوية من ناحية أخرى، أي إن هذه الحكومات تفرض على الفلسطينيين خياراتهم. ذلك أن  كل قرارات السلطة الفلسطينية مرهونة بالحكومة الإسرائيلية  من النواحي الأمنية والإقتصادية وحالة الحصار المفروضة على غزة، إضافة إلى السياسات الأحادية الإسرائيلية في ملف القدس .

 ومن مفارقات المتغير الفلسطيني في الانتخابات الإسرائيلية أن الفلسطينيين تعاملوا مع كل الحكومات الإسرائيلية منذ توقيع إتفاقات أوسلو. والقاسم المشترك بينها هو أن كل الحكومات الإسرائيلية يمينية ويسارية أو إئتلافية تتفق في عدم قبول  فكرة حل الدولتين، واعتبار القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، والتعامل مع القضية من منظور سكاني  وحقوق إقتصادية. والمفارقة أن فلسطين توحد كل الأحزاب الإسرائيلية في الوقت الذي تفرق فيه الانتخابات الإسرائيلية مواقف الفصائل الفلسطينية. إلا أن الانتخابات القادمة وما قد تنتهي إليه ستكون لمخرجاتها تأثيرها المباشر في مستقبل القضية والسلطة والحالة السياسية الفلسطينية بشكل عام . ففي ظل حكومة بينت لا بيد التي لم تعمر أكثر من سنة فإنها تعمدت تجميد الحالة السياسية الفلسطينية وعدم القبول بأى لقاء مع السلطة . 

   وتؤكد استطلاعات الرأي الأخيرة أن اليمين واليمن المتشدد الذي يقوده نتنياهو قد يكون الأقرب للفوز، مع تراجع المعارضة والائتلاف القائم . والتساؤلات المهمة هي حول كيف سيتعامل الفلسطينيون مع هذه الانتخابات ومخرجاتها ؟ وأية خيارات سيتخذونها؟ 

  أولاً ، يجب الابتعاد عن خيار الانتظار، إذ إن نتيجة الانتخابات القادمة باتت شبه معروفة، أي من حكومة يمينية إلى يمينة أكثر تشدداً، مع إحتمال عودة نتنياهو للحكم، ثم قد ندخل في دوامة إنتخابية جديدة في ظل هذا الوضع السياسى الإسرائيلي المعقد.  

   وحيث إن السياسة الفلسطينية بكل مكوناتها ومخرجاتها محكومة بدرجة أو أخرى بالسياسة الإسرائيلية، فعلى السلطة وكل الفصائل أن يكون ردها الطبيعي على هذه الانتخابات هو إنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية برؤية وطنية انتقالية تتواكب والتحولات التي تشهدها القضية في كل مستوياتها الداخلية والإقليمية والدولية، والرد على الانتخابات بإجراء انتخابات فلسطينية، والخيار الآخر العمل على التأثير في السلوك التصويتي في داخل إسرائيل، وتفعيل دور الصوت العربي في الداخل حتى يحقق وزنه السياسي بما يتناسب والعدد السكاني، ما يعنى أن يكون نصيب الأحزاب العربية المشتركة ما يقارب العشرين مقعداً.

   ولعل أهم الخيارات في التعامل مع مخرجات الانتخابات الإسرائيلية المضي قدماً في تفعيل كل الخيارات الفلسطينية وفي مقدمتها تفعيل العمل السياسي الخارجي، وتفعيل الدور القضائي وخصوصاً في المحكمة الجنائية الدولية وفي كل المنظمات الدولية. وبموازاة ذلك إعادة النظر في كل الاتفاقات الموقعة والتفاوض بناء على الدولة وليس السلطة. وبموازاة ذلك الضغط في اتجاه الربط بين السلام في المنطقة والتزام إسرائيل بإنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية، وتفعيل خيارت المقاومة السلمية والشعبية الكاملة، والابتعاد عن أي ممارسات تضمن العنف . 

  هذه بعض الخيارات للتعامل مع الانتخابات الإسرائيلية سواء بوقف السياسات اليمينية أو من خلال التأثير في نتائجها .

drnagishurrab@g mail.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أكاديمى وباحث فلسطيني في العلوم السياسية متحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، ومتخصص في الشأن السياسى الفلسطيني والخليجي و"الإسرائيلي". وفي رصيده عدد من المؤلفات السياسية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"