ذيول حرب يوغسلافيا

00:20 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

بين كوسوفو وصربيا، أزمة صغيرة تثير التوتر والقلق، لكن كتلة كبرى من المشكلات والحساسيات التاريخية تكمن خلفها. وهي كتلة تحمل في جوفها بذور وإنذارات حرب ثنائية جديدة أو متعددة الأطراف وربما تمضي تداعياتها إلى أبعد من ذلك.

والأزمة الصغيرة الظاهرة تسبب بها قرار سلطات كوسوفو فرض تدابير جديدة تقضي باستبدال لوحات تسجيل السيارات الصربية التي يستخدمها أفراد الأقلية الصربية بلوحات جمهورية كوسوفو. وأثار هذا القرار غضب مجتمع الأقلية التي يبلغ تعدادها 150 ألف شخص وتعيش في منطقة الحدود الكوسوفية مع صربيا.

كما أثار القرار غضب الحكومة الصربية التي لا تعترف أصلاً باستقلال كوسوفو المعلن منذ عام 2008، ولا تزال تعتبرها أرضاً تابعة للجمهورية الصربية.

هذه الأزمة الصغيرة، أثارت سجالات حادة طوال الأسابيع الماضية بين كبار المسؤولين في بريشتينا وبلغراد، وأيقظت مشاعر القلق الشديد في أوساط مسؤولي الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي والذي لا يزال يحتفظ بوحدات عسكرية على أراضي كوسوفو منذ انتهاء الحرب بين الصرب وجيش تحرير كوسوفو في أعقاب انهيار الاتحاد اليوغسلافي السابق.

وشهدت المنطقة الحدودية، مناوشات محدودة تبادل فيها الطرفان الاتهامات بالمسؤولية عنها في لهجة أقرب إلى إعلان الحرب. وقال الرئيس الصربي إن «هناك جيلاً من شباب الصرب في كوسوفو لن يتسامح مع هذا الوضع، لا يريد تحمّل الرعب، لا يرى كوسوفو دولة مستقلة وإنما أرض تابعة لصربيا، بموجب القانون الدولي».

وأوضح رئيس حكومة كوسوفو، أن ما أسماه «التصريحات واجتماعات التخويف والتهديد في بلغراد»، التي وصفها ب«الشوفينية القومية»، جرى التخطيط لها والتحريض عليها منذ فترة، واصفاً الرئيس الصربي بأنه «المجرم الرئيسي في أعمال الشغب» التي تحدث في البلاد.

وفي السياق ذاته أعلنت قوة حلف شمال الأطلسي الموجودة في كوسوفو عن استعدادها للتدخل «»إذا تعرض الاستقرار للخطر في شمال كوسوفو»، وهي الخطوة التي ربما تزيد الوضع اشتعالاً إذا تدخلت أي قوات تابعة للجيش الصربي.

وفي محاولة للتهدئة وربما بعد ضغوط أمريكية وأوروبية، قررت حكومة كوسوفو، إرجاء تطبيق التدابير الجديدة لمدة شهر. وتوسط الاتحاد الأوروبي لاستضافة رئيس وزراء كوسوفو ألبين كورتي والرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، في مفاوضات تهدئة غير مثمرة وصفها المراقبون بأنها حوار طرشان.

ولا تقتصر التداعيات الخطرة المحتملة لهذا التوتر الصغير على تراث الكراهية والدم والجروح المفتوحة التي خلفتها الحرب التي وضع القصف الجوي للناتو حداً لها، لكنها ترتبط أيضاً بمحاولات من هنا وهناك لإيجاد روابط لها مع الحرب الجارية حالياً في أوكرانيا.

وقالت بريشتينا إن صربيا، تستغل سياق الحرب في أوكرانيا لإطلاق هجوم ضد كوسوفو، ونفت بلغراد هذه الاتهامات بشدة، فيما أكدت حياديتها العسكرية في النزاع الأوكراني، وأنها لا تصطفّ وراء أي طرف. ومما لا شك فيه أن أي صراع جديد أو قديم متجدد في هذه المنطقة لن ينجو من ظلال الحرب الأوكرانية وصراع النفوذ العلني الذي تخوضه قوى المعسكرين الشرقي والغربي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y3za6td8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"