معاهدة أعالي البحار

00:15 صباحا
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

يواصل مندوبو الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، مناقشات بالغة الأهمية والحساسة في مقر المنظمة الدولية بنيويورك، ضمن سلسلة مفاوضات ماراثونية يُتوقع أن تنتهي جولتها الحالية نهاية الأسبوع الجاري، حيث تهدف المفاوضات المستمرة منذ سنوات، إلى الاتفاق على وثيقة سياسية وقانونية شاملة لتنظيم العمل في منطقة أعالي البحار التي تلعب دوراً رئيسياً في المحافظة على صحة الأرض، وحماية سكانها من تداعيات الاحتباس الحراري.

وتبدأ منطقة أعالي البحار من النقطة التي تنتهي فيها المناطق الاقتصادية الخالصة للدول، على بعد 200 ميل بحري (370 كيلومتراً) كحدّ أقصى عن الساحل، وهي لا تخضع لأي ولاية قضائية وطنية من الدول، وتشكّل المنطقة أكثر من 60% من المحيطات، ونحو نصف مساحة الكوكب.

تكمن أهمية المعاهدة التي يجري التفاوض عليها في كون أن هذه المنطقة تنتج نصف الأكسجين الذي يستنشقه سكان الأرض، كما أنها واحدة من العوامل الأساسية في السيطرة على ظاهرة الاحترار المناخي، من خلال تخزين جزء كبير من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الأنشطة الصناعية، لكن هذا الكنز الإيكولوجي بات مهدداً بعوامل خطرة قد تؤدي إلى فقدانه القدرة على منح الأكسجين الذي يحتاج إليه البشر أو امتصاص غازات الكربون التي تُفرزها الأنشطة الصناعية، وفي مقدمة هذه العوامل التلوث الصناعي، وعمليات الصيد الجائر التي باتت تهدد البيئة البحرية.

وتعد التفجيرات النووية في أعالي البحار، سواء كانت للأغراض السلمية أو العسكرية، من أخطر مسببات التلوث للبيئة؛ إذ أثبتت الدراسات العلمية وجود أنواع من الذرات المشعة في أمعاء الأسماك التي اصطيدت في أعقاب التجارب النووية الأمريكية، حيث أظهرت التقارير وجود أسماك ملوثة بالإشعاعات في المحيط الهادئ، بعد حادثة سفن الصيد اليابانية، إضافة إلى الحوادث التي تقع أثناء نقل المواد المشعة، أو الحوادث التي تقع في المحطات النووية في دول قريبة من منطقة أعالي البحار، مسببة تلوثاً بحرياً، كما أن من مصادر التلوث الأخرى، عمليات إغراق النفايات والتخلص منها في البيئة البحرية، وأنشطة السفن العابرة، بينما يلعب الصيد الجائر على حرمان البيئة البحرية من عناصر حيوية مهمة.

ومن بين المسائل التي تعرقل التوصل إلى اتفاق في المفاوضات الجارية حالياً، قضية العائدات التي تجنيها الدول والشركات الصيدلانية والكيميائية من استغلال الموارد الجينية في أعالي البحار، وهي أنشطة تقوم بها وتفوز بعائداتها الدول الغنية والمتطورة، بينما ترغب الدول الفقيرة والنامية في الحصول على نصيب من الإيرادات التي تدرّها الموارد البحرية غير المملوكة لأحد.

وتشدد مجموعة من المنظمات غير الحكومية تراقب سير المفاوضات (مثل الدول المشاركة في النقاشات الجارية)، على أن التوصل إلى اتفاق، حاجة ملحة من أجل تحسين الإشراف البيئي على المنطقة. ويقول جوليان روشيت، الباحث في معهد التنمية المستدامة والعلاقات الدولية في باريس، إن هذه المعاهدة تكتسي أهمية قصوى لأنها ستقوم مقام إطار تنظيمي وبوصلة ومبادئ وقواعد للأسرة الدولية برمّتها، بشأن إدارة هذا الحيّز المشترك.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/237d6pue

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"