تحيز سلبي

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

هناك حقيقة فاصلة عندما نتحدث عن موضوع «الإيجابية» وتطبيقاتها في حياتنا اليومية، وهي أن العقل لا يحتاج إلى بذل الكثير من الجهد للتعامل بسلبية مع المواقف المختلفة، بينما هناك الكثير من الخطوات التي يجب القيام بها لتبني منظور أكثر إيجابية، وربما كانت فكرة تأمل الأوقات التي يقضيها معظمنا في التفكير في جوانب سلبية في موقف معين، لنكتشف لاحقاً أنه لا يوجد ما يبرر حالة القلق التي مررنا بها في ذلك الموقف، هي ما يطلق عليه «التحيز السلبي» الذي يحرمنا من النظر إلى الجوانب الإيجابية من الموقف، فما هي أسباب هذا التحيز؟ وكيف يمكن الاستفادة من هذا التحيز؟
من المهم أن ندرك أن الحديث عن الإيجابية هو ليس محض كلمات نرددها وإنما أحد المفاهيم التي وضعت قيد الاختبار والدراسة لعقود؛ حيث قام علماء النفس والباحثون بتوسيع آفاق فهمنا لموضوع التفكير الإيجابي وأثره في نجاحنا في التعامل مع التحديات على المديين القصير والبعيد. وعلى الرغم ذلك يمارس كثر منا تحيزاً سلبياً لأسباب تطورية وبيولوجية وسيكولوجية، يقوم بعضها على اعتماد أسلافنا على اتخاذ قراراتهم بناء على المخاطر، مما يشكل عدم تناسق بين الإيجابية والسلبية في حياتنا، وقد اقترح الباحثان بول روزين وإدوارد رويزمان وجود أربعة عناصر تشكل هذه الظاهرة وهي: قوة التأثير السلبي، غياب المساواة بين الشعورين، النزوع إلى دمج السلبية بالإيجابية، التمايز الذي يدفعنا لتصوير السلبية على أنها أكثر تعقيداً.
يؤثر التحيز السلبي في اتخاذ القرارات والتحفيز والتفاعل مع الآخرين، لذا من الضروري أن يتم التعامل معه بدراية كبيرة، فمثلاً يمكن أن تسبب التحيزات المعرفية في جودة القرارات؛ إذ تؤدي إلى التركيز على الخسائر والتكاليف السلبية للقرار أكثر من المكاسب، كما هناك دراسات تشير إلى أن هناك رابطاً مباشراً بين هذه الظاهرة ومستوى التحفيز لإكمال المهام؛ بحيث يشكل دافع تجنب الخسارة موقفاً أقوى من الحصول على التقدير، مما يؤثر في جودة هذا الاندفاع لتحقيق أهدافنا المختلفة.
هناك طرق للتعامل مع التحيز السلبي تتمثل في تجنب التعامل مع مصادر السلبية وممارسة المزيد من اليقظة الذهنية عند مرورنا بهذه التجربة، كما أن هناك أساليب أخرى للاستفادة من هذا التحيز من خلال عدم الحكم المسبق على أفكارنا، بل اختبارها من خلال عملية التفكير والعصف الذهني، إضافة إلى الفصل بين الواقع والخيال خاصة فيما يتعلق بأسباب المخاوف والشك. وكما يقول ألبرت إليس صاحب نظرية العلاج العقلاني الانفعالي: «الإنسان كائن عاقل متفرد في كونه إيجابياً وغير سلبي، وحين يفكر بطريقة إيجابية وعقلانية، يصبح ذا فاعلية ويشعر بالسعادة والكفاءة».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p8mfh6t

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"