عادي

«إخوان ليلى» إبداع سينما واقعية تبحث عن الأمل وسط الصعاب

20:11 مساء
قراءة 3 دقائق
مشهد من الفيلم اخوان ليلى
  • أحمد جولشين: الفيلم متقن وأسعدني كثيراً تجاوب الحضور

دبي: مها عادل

يعد فيلم «إخوان ليلى» مصدر فخر وعلامة فارقة في السينما الإيرانية، لما يتميز به من حالة واقعية خالصة على شريط السينما، لدرجة قد تشعر المشاهد بأنفاس الأبطال وهي تتلاحق، وحالة اليأس والقهر التي تعانيها الشخصيات، التي تشعر بأنها تحاصرك.

الفيلم طرحته شركة فارس فيلم بدور السينما، الخميس، وهو الفائز بجائزة النقاد الخاصة من مهرجان كان الدولي 2022، حيث نجح في مخاطبة جمهور السينما باختلاف ثقافاتهم وجنسياتهم، واخترق صوت الكاميرا ولغة الصورة قلوب وعقول كل من يشاهدونه.

وأعرب أحمد جولشين، المدير التنفيذي لشركة فارس فيلم، عن سعادته بتفاعل الحضور مع الفيلم، قائلاً: «هذا فيلم من طراز فريد وهذه المرة الثانية التي أشاهده، لكني تأثرت بالقدر نفسه في المرتين، فالفيلم متقن، وأسعدني كثيراً تجاوب وإعجاب الجنسيات المختلفة التي كانت حاضرة بالعرض، خصوصاً مع وجود ترجمة باللغتين العربية والإنجليزية».

الإخراج والتأليف للفنان الإيراني الكبير سعيد رستائي الذي اشتهر بأعماله التي تثير الجدل، والذي يتخذ من فنيات السينما الواقعية والكاميرا المهمومة بالإنسان ومشاعره وإحباطاته سبيلاً للوصول إلى النجاح وإقناع الجمهور برسالة الفيلم.

ويكشف الفيلم عن إمكانات سعيد رستمائي في الكتابة والتأليف، حيث برع في صياغة الحبكة الدرامية وتسلسل الأحداث في السيناريو بأسلوب السهل الممتنع، فقد استهل بمشهد صامت للأب العجوز الذي يجلس منفرداً شارداً في غرفة تنطق ملامحها بالفقر والقهر لينقلك في المشهد التالي إلى تظاهرة صاخبة تعج بعمال مصانع يحتجون على سوء الأوضاع الاقتصادية، ويطالبون برواتبهم الموقوفة لأكثر من عام وبهذا الاستهلال عرف مخرج ومؤلف الفيلم كيف يصطحب المشاهد بقوة في أحداثه.

يروي الفيلم قصة أسرة فقيرة في إيران مكونة من أب وأم وفتاة أربعينية تدعى ليلى وإخوتها الأربعة الذكور الذين يعانون وطأة الظروف الاقتصادية الطاحنة وغلاء المعيشة، خصوصاً بعد الارتفاع الجنوني لأسعار الدولار، وتحطم أحلامهم على صخرة الواقع، وفي خضم المشاكل العائلية والصراعات التي يمرون بها يسرد الفيلم بوضوح تأثير بعض الموروثات السلبية على حياة الشباب ومستقبلهم، عندما يتمسك بها الكبار.

واختار المخرج أن يفاجئ الجمهور بغياب الموسيقى التصويرية في معظم مشاهد الفيلم الذي امتد نحو ساعتين ونصف، تأرجحت خلالها المشاعر بين الأمل والخذلان، وبين التفاؤل واليأس وخيبة الأمل، وجعل الجميع في حالة ترقب لما ستؤول إليه الأحداث وكيف ستدبر هذه العائلة أمورها لمكافحة الضغوط والمشاكل التي تحدق بها، وكيف سينتهي الصراع بين رغبة الأب في التضحية بكل ما يملك من ذهب ومدخرات ليصبح شيخاً لعائلته ويحصل على السلطة والنفوذ وبين رغبة أبنائه بقيادة ابنته ليلى التي تبادر وتحارب من أجل قيادة الأسرة وتوجيه إخوتها لعمل مشروع صغير قد يغير من حالهم ويحل مشاكلهم.

الإضاءة بالفيلم كانت بطلاً من أبطاله، فقد تم توجيهها لخدمة أجواء الفيلم، لتكون عنصراً مشاركاً في الأحداث، استخدم المخرج الإضاءة الخافتة والتصوير الليلي في أغلب المشاهد، بينما قام بتصوير معظم مشاهد العائلة داخل الجدران الضيقة المخنوقة، ولم يسع لاستعراض مشاهد طبيعية أو جمالية أو واسعة، وكان هذا الأسلوب الذي رافق المشاهد طوال أحداث الفيلم وسيلة ذكية من المخرج لتعزيز مشاعر الضيق والقهر التي تعانيها الأسرة والمجتمع الإيراني بأكمله.

ولعبت الحوارات الطويلة في الفيلم دوراً مهماً في الكشف عن الكثير من التساؤلات، ومهدت لفهم مكنون الشخصيات، وما يحركها من مشاعر وأفكار جسدت حجم الصراع الداخلي والعائلي الذي يعانيه الأبطال في ظل الظروف الصعبة التي تفرض عليهم اختيارات أكثر صعوبة.

وعلى الرغم من حالة البؤس والفقر والصراعات التي تغلف الأحداث، فإن الحوار بين الأبطال لم يخل من حس الفكاهة والسخرية من المواقف الصعبة، ففكرة الفيلم تدور حول اكتشاف الأمل وسط الصعوبات والضغوط وأن الحياة لابد أن تستمر ونحياها باستمتاع، مهما كانت الظروف.

ويعتبر مشهد الاحتفال بزواج ابن عم الأسرة، وتتويج كبير العائلة، مشهداً فاصلاً في الفيلم، حيث اختلفت ملامح الصورة تماماً وتحولت من الفقر والكآبة إلى الثراء الفاحش والفخامة والأضواء المبهرة وهو المشهد الوحيد في الفيلم الذي تميز بوجود الموسيقى الصاخبة والراقصة والمشهد الوحيد بالفيلم الذي تشارك فيه الإخوان مع والدهم الرقص والاحتفال، وعلى الرغم من أن المشهد انتهى بطريقة مأساوية فإنه نجح في تصوير عطش هذه الشخصيات للفرح والبهجة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/59rjsjrz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"