النقل والطاقة النظيفة

21:15 مساء
قراءة دقيقتين

د. لويس حبيقة *

هناك عوامل ستُحدث تغييرات كبيرة وعميقة في قطاع النقل، منها ارتفاع مؤشرات التلوث التي لم تعد تحتمل وتؤثر في صحة الإنسان. التلوث يؤذي الهواء والماء ويحدث أضراراً في صحة الأطفال؛ أي مستقبل المجتمعات، كما يؤثر سلباً في الزراعة والغذاء.

تغير المناخ مقلق وينتج عن بث السموم في الهواء. ما حدث من حرائق في أوروبا وغيرها مخيف ومؤلم ويمكن أن يأتي إلينا. ما حدث من فيضانات في اليابان وأوروبا وغيرها، مقلق، وتشير الوقائع إلى عدم إمكانية إصلاح كل الأضرار أو التعويض بشكل كامل للمتضررين. تشير الحرائق والكوارث إلى تغير كبير في الطقس، وإلى ضرورة تطوير إمكانات المواجهة بشرياً وتقنياً.

هناك موجة عالمية تدفع باتجاه الاستعمال المتزايد للطاقة المتجددة، والدوافع عديدة، وليست كلها اقتصادية. هناك مصلحة لاستعمال الطاقات المتجدّدة حفاظاً على الثروات وتمديداً للاستفادة منها. مع النمو الاقتصادي الكبير الذي حصل قبل «كورونا»، ومن المتوقع أن يعود بدءاً من آخر 2022، لا بد من التفكير أكثر في طاقات لا تُحدث تشنّجات وحروباً دولية، كما حصل سابقاً.

الطاقة مهمة للحياة، والدول بجيوشها مستعدة للدفاع عن شعوبها للحصول على طاقة بكميات كافية وأسعار معقولة. محاولة اكتشاف طاقات جديدة تدخل في صلب استراتيجيات الدفاع الوطنية.

مهما كانت طبيعة مصادر الطاقة التي تمتلكها الدول، لا بد من أن تفكّر في تنويعها، حفاظاً على مستوى المعيشة. مشكلة أوروبا اليوم هي استبدال الغاز الروسي بمصادر أخرى غير متوافرة كلياً، ولا بد من التقنين المزعج القاسي. حتى الدول النفطية في «أوبك» وخارجها، لها مصلحة في تنويع طاقاتها بحيث لا تتضرر من التغييرات الكبيرة والدائمة في خريطة الطاقة العالمية.

هناك تعاون ضروري بين القطاعين العام والخاص في تطوير النقل وتحديثه. من الأمثلة الكبيرة تطوير القطارات السريعة (TGV) أهمها في فرنسا. بعد انخفاض استعمال سكك الحديد للنقل، تعاونت الدولة الفرنسية مع القطاع الخاص لإنتاج القطارات السريعة التي تزداد فاعلية وسرعة مع الوقت، فتقرّب المسافات. انتقلت التكنولوجيا إلى دول عديدة في آسيا وأمريكا، ما أسهم في إعادة الحياة إلى قطاع سكك الحديد.

أما الشحن الجوي فربط السماء بالأرض، حيث تصل البضائع والسلع إلى أصحابها بسرعة، وهذا تطلّب تعاوناً بين المطارات والقطاع الخاص. لا ننكر أبداً أهمية قطاع التأمين في تسهيل كل شيء، فيطمئن المواطن، كما الشركة، إلى سلامة انتقال السلع والأشخاص.

تطور قطاع النقل وزيادة استعمال كافة أنواعه أسهما في تدني التكلفة الحقيقية، وبالتالي في زيادة الاستعمال. تطور النقل المستقبلي يعتمد على أربع ركائز هي الحجم والكمية، والسرعة والفاعلية، وتوافره للشركة والمستهلك. النقل يجمع ويقرّب ولا إمكانية للتطور المجتمعي المستقبلي من دونه، شرط أن يعتمد أكثر فأكثر على الطاقة النظيفة.

مستقبل النقل الأرضي كهربائي، وبحري هوائي مع تدني حصة النقل الجوي لصالح القطارات السريعة. ما يحصل اليوم في قطاع النقل، هو ثورة حقيقية في الأسعار والتكنولوجيا.

* كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yvzcc22e

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"