عادي
إليزابيث لويز.. رسامة الأمومة المبتسمة

«جولي تنظر في المرآة».. حميمية الطفولة

00:06 صباحا
قراءة 4 دقائق
4

الشارقة: عثمان حسن

إليزابيث لويز فيجي لو برون (16 أبريل 1755 - 30 مارس 1842)، هي فنانة اختصت برسم بورتريهات خاصة للنساء في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، عرفت أيضاً باسم مدام لو برون.

تميزت لويز لو برون في غالبية لوحاتها بأسلوبها الفني المستمد أساسا من «الروكوكو» بعناصر ولمسات من الطراز الكلاسيكي الحديث، وأسلوبها يتماشى مع ظهور الكلاسيكية الجديدة.

وقد عرفت بشكل خاص بتقديم العديد من اللوحات الكلاسيكية لماري أنطوانيت، كمت تمتعت على مدى رحلتها الفنية برعاية الأرستقراطيين والممثلين والكتاب الأوروبيين، وتم انتخابها في أكاديميات الفنون في نحو عشر مدن عالمية.

رصد النقاد نحو 660 بورتريه و 200 منظر طبيعي خلال حياتها الفنية، إضافة إلى العديد من الأعمال المصنفة في مجموعات خاصة، ولوحاتها مملوكة للمتاحف الكبرى، مثل متحف اللوفر في باريس، ومتحف هيرميتاج في سانت بطرسبرغ، والمعرض الوطني في لندن، ومتحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، والعديد من المجموعات الأخرى في أوروبا والولايات المتحدة.

بين عامي 1835 و 1837، عندما كانت فيجي لو برون في الثمانينات من عمرها نشرت مذكراتها في ثلاثة مجلدات تحكي قصة حياتها الخاصة ورحلتها في عالم الفن.

وكان والدها لويس فيجي، رسام بورتريه وعضو في أكاديمية سانت لوك، ومن خلاله تلقت مبادئ الرسم الأولى. في عام 1760، توفي والدها عندما كانت تبلغ من العمر 12 عاماً، وفي 1768، تزوجت والدتها من صائغ ثري، هو جاك فرانسوا لو سيفر، وبعد فترة وجيزة، انتقلت العائلة إلى شارع سان أونوريه.

في مذكراتها عبرت عن مقتها لزوج والدتها بقولها: «لقد كرهت هذا الرجل، لأنه استخدم ممتلكات والدي الشخصية وأكثر من ذلك فقد كان يرتدي ملابسه ولا يغيرها أبداً».

خلال هذه الفترة، استفادت إليزابيث من نصيحة مجموعة من زملائها الفنانين مثل: (غابرييل فرانسوا دوين، وجان بابتيست غريوز، وجوزيف فيرنيه) واتضح هذا التأثير في لوحة تصور أخيها الأصغر، التي يتضح تأثيرها في صورتها لأخيها الأصغر الكاتب المسرحي والشاعر إتيان فيجي.

شهرة

حين بلغت سن المراهقة، استطاعت أن تقدم إليزابيث مجموعة من الصور التي وصفت من قبل عموم النقاد ب «الاحترافية» خاصة بعد الاستيلاء على الاستوديو الخاص بها لممارستها الفن من دون ترخيص، تقدمت بطلب إلى أكاديمية سانت لوك، فعرضت أعمالها في صالون الأكاديمية، وفي عام 1774، أصبحت عضواً فيها، تزوجت من جان باتيست بيير لو برون في 1776، وكان حينذاك رساماً شهيراً وتاجر فنون معروف ما ساعدها على عرض أعمالها في منزلهما في باريس، ترافق ذلك مع علاقتها الوطيدة مع مجموعة من الصالونات الفنية التي بدورها ربطتها مع جهات اتصال جديدة ومهمة. وكان عم زوجها الأكبر تشارلز لو برون، أول مدير للأكاديمية الفرنسية في عهد لويس الرابع عشر.

ابنتها جولي

كان ولادة ابنتها جولي (1780 – 1819) حدثاً استثنائياً في حياتها الفنية، فقد ارتبطت بعلاقة حب شديدة مع جولي، عشقتها حتى الجنون ورسمت العديد من الصور لها وهي تكبر. ولعل أشهر هذه البورتريهات (جولي تنظر في المرآة) وذلك في عام 1786، ومن خلال هذه اللوحة قدمت لويز فيجي تكويناً فنياً يظهر براعتها في رسم البورتريه، فقد صورت ابنتها وهي تحدق في المرآة من خلال صورة جانبية ووجه كامل معتمدة في ذلك على مشاعرها الخاصة تجاه جولي، التي ظهرت في اللوحة بنظرة جادة، ولكن فيها قدر كبير من الحميمية والحنان، ولقد استغرقت في إنجاز اللوحة وقتاً أطول من المعتاد وأطلقت عليها «السمراء».

تعد لوحة «جولي تنظر في المرآة» بالنسبة للفنانة واحدة من الأعمال التي تلخص تجربتها الفنية، التي جالت خلالها في عدد من العواصم الفن العالمية، ففي عام 1781، قامت هي وزوجها بجولة في هولندا، حيث تأثرت بمشاهدة أعمال كبار الرسامين الهولنديين والفلمنكيين، وما عكسته أعمالهم من تقنيات جديدة أثرت الرسم التقليدي.

وفي اللوحة لعبت الفنانة على أشكال استعارية مستوحاة من الفنانين الأوائل، فهي لعبت على ثنائية الواقع مقابل الوهم في الرسم، وقد عرضت إليزابيث ثلاث لوحات لابنتها، من ضمنها هذا العمل لصالون عام 1787، مع فروقات طفيفة بين هذه اللوحات، بلمسات فنية للوحات الطفولة مستوحاة من أواخر القرن الثامن عشر في أوروبا، باعتبار اقتناص لحظة الطفولة بمثابة لحظة فريدة ومؤثرة، وتختلف بالقطع عن مرحلة البلوغ.

نسخة أخرى

في عام 1787، تسببت في فضيحة عندما عرضت صورة لها مع ابنتها وهي تبتسم بفم مفتوح، وهو ما كان مخالفاً بشكل مباشر لبروتوكولات الرسم التقليدية التي تعود إلى العصور القديمة، والذي لم يسبق له مثيل بين القدماء، وفي القرن العشرين رفضت الكاتبة والفيلسوفة الفرنسية سيمون دي بوفوار وصف الفنانة إليزابيث بالنرجسية في كتابها «الجنس الآخر»، بل زادت من تقديرها لهذه الفنانة التي استطاعت رسم أمومة مبتسمة في لوحاتها.

ماري أنطوانيت

مع ازدهار حياتها المهنية، فازت إليزابيث برعاية ماري أنطوانيت، التي رسمت لها أكثر من 30 صورة تصورها وعائلتها، وهذا أدى إلى تصور مشترك بأنها كانت الرسامة الرسمية للملكة ماري أنطوانيت. ففي 1783، عرضت إليزابيث لو برون، ماري أنطوانيت في فستان موسلين (1783)، حيث اختارت الملكة أن تظهر في ثوب قطني أبيض بسيط غير رسمي، وهذا أدى إلى صخب شبهه البعض بالفضيحة، فكيف تظهر الملكة بثياب غير رسمية ؟ بل كيف تقرر الملكة أن تظهر على هذا النحو؟. لاحقاً قدمت إليزابيث صورة لامتصاص غضب العامة وتظهر ماري أنطوانيت مع أطفالها في محاولة منها لتحسين صورة الملكة وجعلها أكثر ارتباطاً بالجمهور، على أمل مواجهة الصحافة الغاضبة والأحكام السلبية التي تلقتها الملكة مؤخراً.

وتظهر هذه اللوحة الملكة في المنزل في قصر فرساي، وهي تمارس مهامها المعتادة كأم لأطفال الملك.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3bxhcfkw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"