مسلسل «الإيقاع بشرك الاستثمار».. متى ينتهي؟

01:16 صباحا
قراءة 3 دقائق

رائد برقاوي

نعم نحتاج إلى رقابة أشد وأعمق وأكثر حزماً لحماية الجميع، سواء أولئك الذين ليست لديهم ثقافة استثمارية أو حتى من يجيد الاستثمار.

الجميع معرّضون للوقوع في الشباك، شباك الاستثمار المالي، فالأمر لا يرتبط بإغراءات العائد فقط، ولكن بالقناعة بأن أسواقنا محمية برقابة فعّالة، وأن كل من يعمل لدينا هو مرخّص ومدقّق عليه من قبل السلطات التنظيمية أو الرقابية.

عملية «الإيقاع بشرك الاستثمار» باتت أكثر سهولة من ذي قبل، فمواقع «السوشيال ميديا» ومنصات الديجيتال وإعلاناتها التي تطل علينا من المتصفح وتغازل اهتمامات المتلقي بالظهور في أي موضوع يعنيه، باتت تحاصرنا من كل اتجاه.

المشكلة أن عدداً كبيراً من تلك المنصات، تعود لشركات تعمل في أسواقنا المحلية رغم أن ترخيصها هو من المناطق الحرة الممتدة عبر إمارات الدولة، فهذه التراخيص التي لا تتيح لأصحابها استقطاب أموال من داخل الأسواق المحلية، من دون الحصول على موافقات الجهات المختصة، باتت تأخذ من عناوين تلك المناطق «شرعية» لإقناع الزبائن، بأن تراخيصها تتيح لها جمع الأموال من الإمارات، وعند الاتصال ومواجهة الشخص المعني بالرد على الاستفسارات فيما إذا كان لديهم ترخيص من هيئة الأوراق المالية والسلع أو من المصرف المركزي، فيكون التردد واضحاً، ثم تغيير الموضوع وإنهاء المحادثة.

هؤلاء لديهم مهارات متفوقة للإقناع، التي تنطلي على الكثير، إلا من رحم ربّي، وكانت لديه القدرة على عدم الوقوع في فخ الإغراءات. هذه الإغراءات لا تتوقف عند القدرة على تحقيق ربح شهري بآلاف الدراهم، لا بل تتعداها بإغراءات أخرى مفصلة على مقاس كل شخص. 

فتتهافت الأسئلة: هل تتطلّع للاستثمار في «أمازون» أو شراء أسهم «تيسلا»؟ التي تراجعت إلى أدنى مستوى وباتت مغرية؟ هل تستهويك تجارة العملات المشفّرة والبيتكوين المرجّح أن تحلق إلى 100 ألف دولار؟ أو هل جربت الاستثمار في الذهب؟ 

وتختلط المسألة بين هذه الشركات المرخصة في منطقة حرة معينة، وإن كانت غير مرخصة للتداول في أسهم الإمارات مثلاً، وبين حسابات وأسماء وهمية تلهث وراء فريستها مستغلة طفرة الأسواق تارة، وفورة الاكتتابات العامة تارة أخرى.

جديد هذه الشركات هو محاولة استغلال الإقبال الكبير على الاكتتابات العامة، بإقناع العملاء بأن هذه فرصة ستحقق أرباحاً كبيرة، ويمكن تعويض عدم حصول الأفراد على كميات إضافية من الأسهم عند التخصيص، من خلالها.

ومن بعض النماذج المنتشرة في مواقع التواصل: «استثمر في الاكتتاب الفلاني اليوم وحقق أكثر من راتبك شهرياً». رسالة تستهدف السذّج وأولئك الذين لا يعرفون القنوات الرسمية للاستثمار السليم. 

وطبعاً، تتغير هذه المعطيات مع تغيير الأسواق؟ والكلام يكون مواكباً للمستجدات، بحيث يظهر لك المتصل الجوانب الإيجابية من أي استثمار، دون أي حساب للتوجيه السليم المفترض أن يكون عند شركات مرخّصة، لسببين: أولاً أن تكون جهة مرخصة للتداول وإدارة الأموال، وثانياً لجهة تبيان المخاطر من أي استثمار.

مواجهة هذه الشركات والمؤسسات، أساساً في المناطق الحرة في العالم ولدى الملاذات الضريبية المعروفة، بات ضرورة حتمية، لأن النزيف سيتواصل والخسائر ستزيد على المجتمع، وعلى الاقتصاد الوطني، فيما ستتبخر المدخرات عند أول انعطاف في أسواق العملات أو الأسهم.

لسنا ضد توسع المناطق الحرة أو تنافسيتها في استقطاب شركات الوساطة المالية، فهذا من صميم عملها وضروري لنمو أعمالها، ولكننا ضد ترك «الحبل على الغارب» أمام هذه الشركات للعبث في أسواقنا المحلية، واختراق الثغرات التي تتولد هنا أو هناك، ل«شفط» مدخراتنا الوطنية والعبث باستثمارات الأفراد.. الأمر يحتاج إلى وقفة وإلى ضبط عمل شركات المناطق الحرة داخل أسواقنا المحلية.

إلى متى سنواصل التحذير والكتابة عن مثل هذه القضية، التي تستنزف جيوب ومدخرات الأفراد الذين نحثهم دائماً على توطين أموالهم في الداخل ضمن الأدوات المالية السليمة؟. الأمر يحتاج إلى تدخل عاجل من السلطات المختلفة، ووضع الأمر في سلم الأولويات التنظيمية والرقابية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mpdmzan9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"