عادي

دروس في المسجد عن فضل ليلة القدر

23:18 مساء
قراءة 4 دقائق

كان حسين طفلاً صغيراً يبلغ من العمر 12 عاماً، دائماً يجمع أصحابه من الأطفال ويذهب بهم إلى المسجد للصلاة، وسماع دروس شيخ المسجد الشائقة، وكان يدعى الشيخ (عبد القادر)، وفي ذات يوم، وقبل خروجهم إلى المسجد.. أوقفهم والد (حسين) وقال لهم: ماذا تعرفون يا أولاد عن المسجد؟ فرد أحدهم: مكان نصلي فيه، ورد آخر: ونسمع فيه الدروس. فقال والد (حسين): أحسنتم، ولكن يجب أن تعرفوا أن المسجد مكان مقدس يجتمع فيه المسلمون للصلاة، ويعتبر تواجد الأطفال بالمسجد خصوصاً في شهر رمضان ضرورياً لصلاح أحوالهم وتعليمهم، وتعويدهم على اتباع آداب المسجد منذ نعومة أظافرهم.

ومن آداب المسجد أن ترتدوا ثياباً نظيفة قبل الذهاب إليه، والمحافظة على نظافة المسجد والهدوء عند سماع الدروس، وعدم العبث فيه. وسأل الوالد: وماذا عن درس اليوم؟ رد (حسين): سوف يتكلم الشيخ اليوم عن موضوع شائق جداً يا أبي. فسأله الأب: عن ماذا؟ قال: عن (ليلة القدر.. التي هي خير من ألف شهر). قال الأب: ما شاء الله .. موضوع شائق فعلاً، خصوصاً ونحن في أيام الشهر الكريم.. تفضلوا يا أبنائي حتى لا تتأخروا على الدرس.

شكر الأولاد الأب على النصائح، وذهبوا إلى المسجد، ودخلوا في هدوء وأدب، وبعد أن أدوا فريضة الصلاة، التقوا بالشيخ (عبد القادر)، وجلسوا أمامه، ليستمعوا له، وبدأ الشيخ يحكي ويتكلم عن (ليلة القدر): عندما وصل سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، لسن الأربعين، كان يخلو مع نفسه ليتفكر في خلق الله سبحانه وتعالى، فعندما يأتي شهر رمضان كان الرسول، صلى الله عليه وسلم، يخرج إلى غار حراء ويعتكف فيه، وكانت السيدة خديجة تعطيه الطعام والشراب ليأخذه معه إلى الغار.. وفي هذه السنة ذهب كالعادة إلى الغار.. وبدأ يتأمل في خلق الله تعالى.. وفي ليلة من الليالي نزل على سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، جبريل عليه السلام، وعلمه أول سورة في القرآن، وهي سورة العلق، {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } (سورة العلق: من الآية 1 إلى 5).

وأكمل الشيخ: والليلة التي نزل فيها سيدنا جبريل عليه السلام على سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، وعلمه فيها سورة العلق هي (ليلة القدر).. وهي الليلة التي نزل فيها القرآن الكريم على سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم.

أما سورة (القدر) يا أبنائي، فقد نزلت على سيدنا محمد بعد ذلك، يقول الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، (سورة القدر : من الآية1 إلى 5).

ولكن يا أبنائي ما هي أسباب نزول هذه السورة؟ رد (حسين) باهتمام وشوق.. ما الأسباب يا شيخنا؟ قال الشيخ عبد القادر: كان سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، يتحدث مع الصحابة عن ملك من بني إسرائيل، جاهد في سبيل الله ألف شهر، يحارب الأعداء ويعيد الحق للضعفاء، فلما صعب على الصحابة أن يفعلوا ذلك، نزل جبريل عليه السلام على سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، بسورة من القرآن الكريم تعوِّض عن ذلك، بأخذ ثواب الألف شهر في ليلة واحدة، وهذا كان وقت نزول ليلة القدر، والألف شهر يا أولاد يعني تقريباً 83 عاماً، فسبحان الله العظيم.. فليلة واحدة العبادة والثواب فيها أحسن وأكبر من ألف شهر.. في ليلة القدر من كل عام تنزل الملائكة إلى الأرض، وينزل سيدنا جبريل عليه السلام، ويحضرون مع المؤمنين الصلاة وذكر الله، والملائكة تسلم على المؤمنين في كل مكان.

ولما عرف الصحابة، رضي الله عنهم، بمكانة (ليلة القدر) والثواب العظيم .. أرادوا معرفة وقتها وفي أي يوم ، وطلبوا من سيدنا محمد ذلك، وخرج سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، لإبلاغهم بهذا اليوم، وهو في الطريق رأى اثنين متخاصمين، وطلبوا من الرسول، صلى الله عليه وسلم، حل الخصام بينهما، فانشغل سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، بحل المشكلة بين الرجلين، وقدر ربنا سبحانه وتعالى أن ميعاد ليلة القدر يُرفع من ذاكرة سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، حزن الصحابة رضي الله عنهم، فقال سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، لهم: (عسى أن يكون خيراً لكم)، وقال لهم: أن ينتظروها في العشرة أيام الأخيرة من رمضان- وهذا هو الخير يا أولاد، من أجل أن نجتهد فيها؛ لأننا إذا عرفنا ميعادها لكنا اجتهدنا في العبادة في هذه الليلة فقط.. ولتعلمنا من ذلك قيمة التسامح والتنافس في الخير طوال الأيام العشرة هذه، لكي نفوز بثواب ليلة القدر التي هي بألف شهر..

وبعد انتهاء الشيخ من الحديث.. فرح الأولاد فرحاً شديداً، وقاموا ليتنافسوا في فعل الخير والعبادة والصلاة؛ لكي يسعدوا بهذه الليلة حتى يفوزوا بعبادة الألف شهر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3sueekvp

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"