عادي
د. محمد العدوان في مجلس ضاحي خلفان الرمضاني:

الأزمة الأوكرانية.. مخاض عسير لتغيير في إدارة القطبية العالمية

21:56 مساء
قراءة 4 دقائق
ضاحي خلفان ود. محمد العدوان وجانب من الحضور
  • حرب استنزاف وكسر عظم بين أمريكا وروسيا و«النووية» الأضعف
  • القادم..عوالم متعددة وتغيير بالنظام الاقتصادي العالمي وتعديل العملة
  • تغير مفاهيم الحروب والاقتصاد وامتلاك الغذاء والدواء والتكنولوجيا

دبي: «الخليج»

استضاف المجلس الرمضاني للفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، المحاضر الدكتور محمد عيسى العدوان، رئيس مركز عَمَّان والخليج للدراسات الاستراتيجية، الذي ألقى محاضرة تناول فيها موضوع التوثيق لفهم الحاضر واستشراف المستقبل.. العمليات الروسية الأوكرانية.. نموذج لفهم إدارة المصالح والحقوق وإدارة القوة، حضر الأمسية عدد من كبار الشخصيات والمسؤولين والمتخصصين.

وتحدث الدكتور العدوان في المحاضرة المتخصصة حول أهمية التوثيق في إدارة استشراف الأزمة الروسية الأوكرانية نموذج لفهم إدارة القوة، وهل نحن العرب بحاجة لمعرفة من صاحب الحق والحقوق في الأزمة، أم أن الموضوع هو مصالح وإدارة قوة وتغيير في منظومة إدارة القطبية العالمية، إنه باستخدام منظومة إدارة الأزمة والعقل القائمة على التحليل والتشبيك، بعيداً عن الإعلام والنقل السمعي، سنجد أن الموقف لا يتعدى إرهاصات بناء هيكلية جديدة في العالم بعد 2020م، أوروبا افتقدت شخصية مهمة حاولت التوازن بين الغرب ومصالحه وبين المحافظة على الهواجس الروسية تجاه تطلعات الناتو.

المستشارة ميركل

وتناول الدكتور العدوان جوانب الأزمة الأوكرانية الروسية واحتمالات إطالة الحرب، بحيث تصبح حرب استنزاف لجميع الأطراف المتحاربة والمتخاصمة.

وقال: على العرب اليوم الاعتماد على التوثيق والدراسات والتشبيك والمعرفة في التعامل مع إدارة القوة، وقراءة تنظيم المصالح الوطنية للتوازن بين مصالح القوة العظمى ورغائب الشعوب، بما يضمن الاستقرار، وأكد أن الأزمة اليوم في أوكرانيا هي مخاض عسير نحو تغير في موازين ولاعبي القوة الدولية، التي اختارت أوكرانيا ملعباً لتصفية الحسابات.

وبين الدكتور العدوان، أن إشكالية المفهوم، هل الحديث عن الأزمة الروسية الأوكرانية، يجب أن يتم التعامل معه من زاوية الحق، أم الحقوق، أم المصالح؟ وهل مهمة العرب البحث عن مساندة المظلوم ومعاقبة الظالم؟ هل حقيقة الموقف في أوروبا اليوم موضوع حقوق وحق أم موضوع نظام عالمي يتشكل ضمن معايير معروفة باختيار ملعب محايد للمبارزة بعيداً عن الخسائر المباشرة؟

وأوضح العدوان في محاضرته أن كلمة السر في تفادي الحرب وقتها هي المستشارة الألمانية السابقة (أنغيلا ميركل) التي قادت الجهود الدبلوماسية، مما أدى إلى توقيع اتفاقيات (مينسك1) وتجميد الصراع ونزع فتيل برميل البارود، (ميركل) نتيجة فهم عميق لمصالح ألمانيا وأوروبا حالت بالفعل دون اندلاع حرب عام 2014 من خلال جهودها الدبلوماسية بعد ضم روسيا لشبه (جزيرة القرم)، ثم ما إن بدأت الأمور في التدهور بعد ذلك بين (روسيا وأوكرانيا)، تدخلت (ميركل) بشكل قوي ومباشر مرة أخرى، ومعها الرئيس الفرنسي السابق (فرانسوا هولاند) وأجرت مفاوضات مباشرة مع (بوتين) أدت في النهاية إلى اتفاقية شاملة تخاطب جذور الأزمة الأوكرانية وتأخذ في الاعتبار المخاوف الروسية من سعي (كييف) للانضمام إلى (حلف الناتو)، وتم توقيع اتفاقية (مينسك2)، ليأتي موضوع تفجير خط الغاز واستقالة رئيسة وزراء بريطانيا (ليزا تراس) على إثر فضيحة رسالة الإتمام لتفجير خط الغاز ليفاقم الموقف، ويؤكد نية أمريكا والغرب تجاه روسيا وعزم الناتو على المواجهة، ضمن مفهوم مصالح القطب الواحد.

ثم بين الدكتور العدوان أن السير في فلك دولة عظمى هو المفهوم الوحيد الذي يتناسب مع الدول الناشئة أو النامية عبر التاريخ، أما الدول العظمى فيتم ترتيب تحالفات بينها وبين الدول ذات التاريخ المعروف في إدارة النظام العالمي وإدارة القوة من خلال هذه التحالفات أو التفاهمات، بحيث يتم تقسيم السيطرة والتبعية للدول الأخرى لها حسب الثقافة والحكم، وبما لا يتعارض مع مصالح الدول العظمى الأخرى ولمن يدخل في مجال المنافسة من خلال قوة التأثير والقرب والاعتقاد وفنون إدارة لعبة الأمم، إلا أن الثابت اليوم أن عناصر التغيير في مفاهيم إدارة القوة أصبحت أكثر تأثيراً من خلال تغير مفاهيم الحروب والاقتصاد وامتلاك الغذاء والدواء والتكنولوجيا، والأهم إدارة المعلومات المعرفية.

وقال العدوان: إن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بكل كفاءة واقتدار في إدارة موازين القوة من خلال تحويل المتجاورين وأصحاب المصالح المتشابكة إلى أعداء ومتنافسين لتضمن من خلالها تشغيل مصانع السلاح والتقنية أولاً، وتضعفهما ثانياً، وتخلق جواً من عدم التنمية والاستقرار بينهما، لتصبح دائماً هي الملاذ للأضعف والداعم للتحرر الغربي الأوروبي.

ونظراً للتهديد الوجودي من وجهة نظر موسكو للناتو على حدودها إذا انضمت أوكرانيا، فإن ذلك يعني تحولات استراتيجية عميقة على أمنها، إلى جانب أنه يشجع الدول الأخرى التي انفصلت عن الاتحاد السوفييتي بالتطلع إلى شكل من التعاون مع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وهذا سيُفقد موسكو مجالها الحيوي ومناطق نفوذها الطبيعية لصالح حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، والأهم والأخطر يصبح مسرحاً للقوة الأمريكية وهيمنتها ويفقد روسيا والعالم فرصة إعادة التوازن بتعدد الأقطاب.

وخلص الدكتور العدوان إلى أن ذلك كله يعني أن الاحتمالات الأرجح هي أن نهاية الحرب ليست قريبة، فهي حرب استنزاف وكسر عظم، بين أمريكا وروسيا، وأن الحرب النووية هي الاحتمال الأضعف وليس المستبعد إذا ما تعرضت روسيا لانتكاسة، أما أخطاء التقدير من الطرفين فستستمر، لأنك من الممكن أن تبدأ حرباً، لكن من غير الممكن أن تتوقع نتائجها، واحتمالات التغير في بنية السلطة في أوكرانيا أقوى من احتمال تغيرها في روسيا.

الصدع في النظام الدولي سيعيد تركيب بنيته بقدر أقل من الهيمنة الأمريكية وهذا يعني تململ العالم من الهيمنة الأمريكية وبتحلل تدريجي متأنٍ وهادئ سيؤثر في الالتزام الأوروبي مع أمريكا في «بعض» توجهاتها الاستراتيجية كل ذلك حاضر اليوم بقوة في منظومة القوة العظمى التي ستصبح متعددة وليست قطبية أو أحادية ولا ثنائية، والأخطر أن تكون أوروبا تدفع بأمريكا للمواجهة مع الروس من خلال الاستنزاف الاقتصادي للتخلص من عبء هيمنة الدولار وتحمل الانهيارات في المالية الأمريكية وبنوكها التي تؤثر دائماً سلباً في أوروبا والفهم الغربي للتحولات العالمية للتخلص من القطب الأوحد.

واختتم العدوان محاضرته قائلاً: إن فن إدارة القوة والتعامل معها علم من أخطر وأهم العلوم البشرية، التحول قد بدأ، القادم عوالم متعددة، وصعود وهبوط لدول، تغيير في النظام الاقتصادي العالمي وتعديل العملة الدولية بعيداً عن الدولار، ومشروع قطف الثمار لدولة الحكم العالمي يؤتي أكله.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s3ph42z

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"