تحية لمن تجرأ

ما وصل إلينا مما شاهدناه حتى الآن، يمنحنا حق الحكم على المشهد العام الذي ساد على الشاشة في رمضان، ويدفعنا لنقدم تحية شكر وتقدير لكل من تجرأ وخرج عن المألوف ليقدم فكرة جديدة، ليقول كلمة حق، ليفتح قضايا بقيت مغلقة حتى الآن ولم يقترب منها أحد، أو أن البعض تطرق إليها، إنما بالتلميح عن بعد، لا بالغوص في العمق.
صحيح أن هناك مسلسلات تثير ضجة وتلقى رواجاً بين فئات معينة وفي الأحياء الشعبية، مثل «جعفر العمدة»، وقد يحقق نسب مشاهدات أعلى من مسلسلات أقوى منه وأكثر عمقاً في قضاياها الاجتماعية والإنسانية، لكن هذا لا يكون هو معيار النجاح الذي نتحدث عنه، إنما نقصد النجاح في كسر «التابوه» وتناول قضايا غير عادية وغير مستهلكة.
تحية لمسلسل «تحت الوصاية» الذي سنتطرق إلى تفاصيله، لكن التحية الواجبة الآن لمعالجته قضية عدم أحقية الأم في نقل طفلها من مدرسة إلى أخرى، أو استخراج بطاقة له، أو إجراء أي معاملة رسمية، أو حتى التصرف في وديعة مصرفية باسمه، دون وجود الوصي، والذي يكون الجد في حالة وفاة الأب. رحلة معاناة حنان في المسلسل أساسها تلك الحقوق الناقصة والظلم الذي يعرضها وطفليها للعيش كالمشردين، وعملها «ريّس» بحارة وقيادتها لمركب صيد. قصة مستمدة من الواقع أجاد كتابتها خالد وشيرين دياب وأخرجها بإبداع محمد شاكر خضير.
تحية لمسلسل «النار بالنار» الذي تجرأ وفتح ملفات حسبناها طُمست، وأن يتجرأ أحد على فتحها لشدة حساسيتها، خصوصاً أنها تتناول مرحلة صعبة ومُرة عانى منها اللبنانيون وطبيعة العلاقة مع جيرانهم السوريين، ومازال للمعاناة ذيول، وهناك جروح لم تضمد بعد. ولنا وقفة مفصلة لاحقة مع هذا العمل الاستثنائي بكل ما فيه. رامي كوسا في التأليف ومحمد عبدالله العزيز في الإخراج، وكل فريق العمل يستحقون الإشادة، لطرحهم قضية ليس من السهل تناولها على الشاشة.
كذلك مسلسل «عملة نادرة» كسر القاعدة، وقدم الثأر في الصعيد بعيون وتفكير وتنفيذ امرأة، ومن زاوية معاناتها وحرمانها من ابنها، واستضعافها بسبب النقص في حقوقها، وقدمها مدحت العدل في الكتابة، ومحمد العدل في الإخراج بقالب مشوق.
تحية أيضاً لكل برنامج إنساني يمشي عكس سير البرامج الحوارية العقيمة، وبرامج المقالب اللاإنسانية، وفي مقدمة تلك البرامج الراقية «قلبي اطمأن» الذي يقدمه غيث المنتقل من الإمارات إلى دول متنوعة، وهدفه المساعدة بلا شهرة، وبلا بحث عن نجومية.
[email protected]