فيما يذهب بنا هنري دايفد ثورو إلى القول بأنّ الكتب هي ثورة العالم المخزونة، والإرث المناسب للأجيال والأمم، وكما هو قول إيمي نويل إن الكتب هي أكثر من كتب.. إنّها حياة الأزمنة الماضية، ولُبّها وجوهرها. إنّها تبرّر لماذا عاش البشر وعملوا، وماتوا.. وهي معنى حيواتهم وخلاصتها.. وإنّ صور ذكاء البشر ومعارفهم تبقى في الكتب، بمنجاة من عنكبوت الزمن، وهي قادرة على التجدّد الدائم، كما يخبرنا بذلك فرنسيس بايكون.. فإنّنا نذهب إلى القول، بأنّ معارض الكتب هي أسواق ثقافية لمختلف أنواع الكتب، بمختلف لغاتها وأجناسها الإبداعية، تفد من كل حدب وصوب جغرافي، وتنتمي إلى أزمنة متتابعة في مثولها التاريخي.
ففي كل معرض كتاب يعرض الناشرون ما في جعبتهم من كتب؛ حديثة كانت أو معاد طباعتها، أو ذات طبعات سابقة لم تنفد كميتها بعد، وتخاطب كافة الأعمار والأجناس والجنسيات؛ فيما يعرض المؤلفون ما في كتبهم من أفكار ورؤى تخاطب الفكر الإنساني المجبول على التعلم وحب المعرفة، تأكيداً لما ذهب إليه توماس كارليل بالقول القابل للتأويل: في الكتب تكمن روح الزمن الخالي بأسره. كلّ ما صنعته البشرية، وفكّرت فيه، وكسبته أو كانته، موجود في صفحات الكتب.. كما لو كان محفوظاً حفظاً سحرياً. والكتب هي ممتلكات البشر المختارة. وإذن، إذا كان الكتاب جديراً بالقراءة، فإنه جديرٌ بأنْ يُقتنى، كما يهمس إلينا دجون راسكن.
على ضوء ذلك، نعود أدراجنا إلى معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي شهد إطلاق وزارة الثقافة والشباب مبادرة «أبدع نشر»، المندرجة في إطار استراتيجية أشمل تحت شعار «أبدع»، تهدف من خلالها الوزارة إلى الارتقاء بقطاع الصناعات الثقافية والإبداعية في دولة الإمارات، والاهتمام بالموهوبين والمبدعين في العديد من المجالات الإبداعية.
تهدف مبادرة «أبدع نشر» إلى إثراء حركة النشر والمحتوى المحلي، حيث تستهدف المبادرة 500 كاتب و100 دار نشر، من خلال دعم المبدعين والأدباء في الدولة، وتحفيز دور النشر المتواجدة فيها، بحيث يتم توفير 50 نسخة من كل كتاب للمؤلف، و300 نسخة إلى دور النشر لبيع الكتب عبر منافذ البيع في الدولة وفي معارض الكتب المحلية والدولية، فيما النسخ المتبقية ستؤول إلى المكتبات الحكومية والخاصة والجامعية ورؤساء تحرير الصحف والمجلات الثقافية لتوجيه المعنيين لتسويق الكتاب.
هكذا مبادرة إماراتية تنموية ثقافية بامتياز «أبدع نشر»، سطعت شمسها في معرض الشارقة الدولي للكتاب بنسخته ال«41» في شهر نوفمبر من العام المنصرم 2022؛ ننتظر أن نجني ثمارها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب بنسخته ال«32» في شهر مايو الجاري، الذي تتوافق فيه مناسبة عزيزة على المشهد الثقافي المحلي؛ «يوم الكاتب الإماراتي» التي تحل ضيفة على معرض كتاب أبوظبي في 26 مايو الجاري، تزامناً مع تأسيس اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات في 26 مايو 1984.
[email protected]
