عادي
تفرضها الجامعات ويتحمل عواقبها الطلاب

المواد العامة.. عبء يهدر حق التخصص ويقلل فرص التوظيف

02:01 صباحا
قراءة 6 دقائق
طالبات خلال الاطلاع على التخصصات الجامعية
جامعات تعرض تخصصاتها الدراسية للطلبة

تحقيق: عبد الرحمن سعيد

يسعى خريجو الصف الثاني عشر دائماً إلى اختيار التخصص الدراسي الأنسب لسوق العمل، مع محاولة الموازنة بينه وبين الشغف أو الهواية، لتحقيق النجاح والتفوق، لكن في أغلب الأحيان يختار الطلاب وأولياء الأمور، التخصص من دون القدرة على تحديد جودة المحتوى التعليمي الذي يتلقاه الطالب خلال فترة الدراسة، ما يطرح تساؤلات عديدة، منها هل المواد الدراسية التي يتلقاها الطالب كافية لصقل مهاراته، وإطلاعه على كافة خبايا تخصصه، أم أنه بحاجة إلى الحصول على دورات تدريبية وتثقيفية عقب التخرج، للتمكن من الالتحاق بسوق العمل؟، ولماذا تفرض الجامعات على الطلبة دراسة العديد من المواد العامة التي لا علاقة لها بتخصصاتهم؟

«الخليج» تناقش في التحقيق التالي جهود الجامعات في صقل مهارات الطالب؛ حيث أكد عدد من المسؤولين الأكاديميين العمل على صقل مهارات الطلاب في مختلف التخصصات، فيما أكد عدد من الطلاب والخريجين أنهم تفاجأوا بمتطلبات سوق العمل التي لا تتماشى مع مخرجات جامعاتهم.

تظل عملية البحث عن التخصصات الدراسية التي تتماشي مع سوق العمل، هي الشغل الشاغل لكل من الطلاب وأولياء الأمور، بحثاً عن فرصة عمل مناسبة بعد التخرج، وهو ما يحتم على مسؤولي التعليم، العمل على تطوير المخرجات، وثقل مهارات الطلاب، تلافياً لمواجهة أزمة احتياجات السوق.

وأوضح مسؤولون أكاديميون أنهم يسعون إلى مساعدة الطلاب في التعمق في دراسة تخصصاتهم، والاطلاع على كافة تفاصيلها، عبر المستشارين الأكاديميين الذين يقدمون إرشادات واستشارات للطلاب فيما يتعلق بتخصصاتهم وخطط الدراسة، ويساعدون الطلاب على تحديد المقررات المناسبة، وتطوير خطة دراسية تناسب أهدافهم الأكاديمية، ومصالحهم المهنية، فضلاً عن تقديم برامج إعلامية تهدف إلى تعريف الطلاب بتفاصيل تخصصاتهم، وفرص العمل المتاحة في تلك التخصصات، وتشمل هذه البرامج ورش العمل والمحاضرات النشطة والمعارض الأكاديمية التي تعرض مشاريع الطلاب وأبحاثهم.

في المقابل أكد عدد من الطلاب والخريجين أنهم تفاجأوا بمتطلبات سوق العمل التي لا تتماشى مع مخرجات جامعاتهم؛ حيث تفرض الجامعات عليهم دراسة الكثير من المواد الدراسية التي لا علاقة لها بتخصصاتهم الفعلية، كعلم النفس والإحصاء واللغة العربية والحديث الشريف؛ حيث يبلغ عدد المواد العامة التي تندرج تحت مسمى المتطلبات الجامعية 3 مواد في كل فصل دراسي بواقع 6 مواد في العام الدراسي كاملاً، فضلاً عن أن المحتوى الدراسي التي تقدمه الجامعات لا يتضمن اكتساب المهارات التي تعزز فرص الحصول على الوظائف.

فرص التدريب

قال البروفيسور منتصر قسايمة أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة أبوظبي: إن الجامعة تعمل على صقل مهارات الطلاب في مختلف التخصصات من خلال مجموعة من الجهود التي تشمل التدريب العملي والنظري؛ حيث يتم توفير فرص للتدريب العملي للطلاب في مجالات تخصصهم والمشاريع التطبيقية، والمحاضرات والندوات والمختبرات والورش العملية والبرامج التعليمية المتكاملة.

وأوضح أن الجامعة تسعى جاهدة إلى مساعدة الطلاب على التعمق في دراسة تخصصاتهم، والاطلاع على كافة تفاصيلها، عبر المستشارين الأكاديميين الذين يقدمون الإرشادات والاستشارات فيما يتعلق بالتخصصات وخطط الدراسة، ويساعدون الطلاب على تحديد المقررات المناسبة، وتطوير خطة دراسية تناسب أهدافهم الأكاديمية، ومصالحهم المهنية، فضلاً عن أن الجامعة تقدم برامج إعلامية، تهدف إلى تعريف الطلاب بتفاصيل تخصصاتهم، وفرص العمل المتاحة في تلك التخصصات.

وأكد أن هناك العديد من البرامج والدورات العملية التي تقدم للطلاب، لمساعدتهم على صقل مهاراتهم خلال فترة دراستهم، بهدف تطوير مجموعة متنوعة من المهارات التي يمكن أن تكون مفيدة في مجالات العمل المختلفة، ومنها دورات التطوير الشخصي التي تتضمن تعلم مهارات الاتصال الفاعلة، وإدارة الوقت والقيادة والعمل الجماعي وحل المشكلات، إضافة إلى دورات التدريب العملي التي تعتمد على برامج التدريب العملي، لتمكين الطلاب من اكتساب خبرة عملية في مجالات تخصصهم، وبرامج التجارب العملية، وبرامج التدريب على المهارات الفنية التي تكسب الطلاب مهارات تقنية وفنية تتعلق بتخصصاتهم، مثل تصميم الجرافيك وتطوير البرمجيات وتحليل البيانات.

مواكبة السوق

أكدت الدكتورة ابتهال أبو رزق نائب رئيس شؤون التطوير والمتابعة، وعميد شؤون طلبة جامعة العين، أن الجامعة تهتم بصقل مهارات الطلبة، وتعزيز معارفهم، لتخريج جيل قادر على مواكبة سوق العمل، ومواجهة التحديات؛ حيث تسعى إلى توسيع آفاق المعارف والمهارات لدى الطلبة في مختلف المجالات، فلا تكتفي بالمعرفة النظرية فقط؛ بل تمتد إلى النواحي التطبيقية والعملية سواء من خلال طرح المساقات العملية ضمن الخطة الدراسية، وتطبيق الدراسة النظرية على شكل تجارب أو من خلال عمل ميداني في المختبرات والمرافق المجهزة بأحدث التقنيات، لتتيح للطلبة إمكانية تطبيق ما يتعلمونه نظرياً بشكل عملي محترف.

وأضافت أن الجامعة تقدم مجموعة متنوعة من البرامج التدريبية والأنشطة المنهجية واللامنهجية وتنظيم الزيارات الخارجية لمختلف المؤسسات وتوطيد العلاقات مع المجتمع الخارجي؛ وذلك لاكتساب المعارف والمهارات الجديدة، وتكوين الخبرات وبالتالي تعزيز المعارف والمهارات المتعلقة بتخصصاتهم

ولفتت إلى مساعدة الطلبة على استكشاف مهاراتهم التي من شأنها أن تساعدهم في دراستهم؛ حيث لابد أن يدرك الطلبة المهارات التي يمتلكونها ليعملوا على تطويرها وصقلها وتنميتها، ولهذا تسعى الجامعة من خلال الكليات وعمادة شؤون الطلبة ومركز التعليم المستمر، إلى تنظيم دورات تدريبية باستمرار في مختلف التخصصات الأكاديمية والمواضيع المجتمعية.

تحسين المهارات

بالانتقال إلى جامعة السوربون أبوظبي، أشارت سيلفي فوس مديرة قسم التوجيه الوظيفي، إلى التركيز على مساعدة الطلبة في اكتساب وتحسين المهارات التي تؤهلهم للاندماج في سوق العمل، موضحة أن فريق الدعم والإرشاد الوظيفي يعمل على تقديم المشورة وتوفير برامج ودورات عملية للطلاب؛ بهدف استكشاف اهتماماتهم ومهاراتهم وسمات شخصيتهم.

وأضافت أن الجامعة تهدف من خلال قسم التوجيه الوظيفي إلى مساعدة الطلبة على استكشاف الخيارات المهنية المتاحة لهم، وبناء المهارات التي تؤهلهم لسوق العمل؛ حيث ينظم القسم حلقات عمل وبرامج تدريبية تعاونية، إضافة إلى زيارات وجولات في مواقع العمل؛ بهدف مساعدة الطلاب في تحديد كيفية ربط اهتماماتهم وقيمهم ومهاراتهم بالوظائف المتاحة، ووصف المهارات والأنشطة المرتبطة بهذه المهن.

كما تحرص الجامعة، كما أكدت سيلفي فوس، على تنظيم مقابلات مع أرباب العمل سنوياً في منتدى التوظيف السنوي «أسطُرلاب» في نوفمبر، لاستكشاف فرص العمل والتدريب المختلفة؛ حيث يعد التدريب الميداني وخبرات التعلم القائمة على العمل أفضل طريقة للطلبة، لاختيار المهن، والتواصل مع أرباب العمل المحتملين، واكتساب الخبرة العملية وتطوير المهارات الوظيفية ذات الصلة المباشرة بمجال اختصاصهم، ومن أهم الفعاليات التي تنظمها الجامعة سلسلة أسطُرلاب في شهر مارس/ آذار، وتشتمل على ورش عمل تسهم في تحسين مهارات التوظيف لدى الطلاب، مثل كتابة السيرة الذاتية ورسائل الغلاف، ومهارات إجراء مقابلات العمل.

مقابلات طلابية

وبعد طرح آراء المسؤولين التي أكدت أغلبها الاهتمام بثقل مهارات الطلاب، وتأهيلهم إلى سوق العمل، جاءت آراء مغايرة تماماً؛ حيث أكدوا أن بعض المواد التي تفرضها عليهم الجامعات تشكّل عبئاً كبيراً عليهم.

وقال الطالب محمد علي أحمد: إن الجامعة تفرض عليه دراسة 3 مواد عامة لا علاقة لها بتخصصه كل فصل دراسي، مقابل 3 مواد تخصصية، الأمر الذي يزيد من أعبائه، ويثقل كاهله لتحقيق كافة المتطلبات والتخرج، مشيراً إلى أن التركيز على المواد التخصصية والتعمق في دراستها، يمكن أن يحقق نتائج أفضل بكثير على الصعيد العملي؛ حيث إن دراسة كم كبير من المواد يشتت الطالب، ويهدر وقته.

ووافقه الرأي الطالب جمعة رزق السيد، الذي أوضح أن دراسة المواد العامة تكاد تكون لا تفيده بشيء، كونها معلومات يمكن لأي شخص اكتسابها من خلال القراءة في أوقات الفراغ، فيما يمكن الاستفادة من أوقات الدراسة بالجامعة في التأهيل لسوق العمل، والتعمق في دراسة المواد التخصصية التي تؤهل الخريج للالتحاق مباشرة بسوق العمل.

فيما كشف الخريج ماجد جمال فتحي، أنه تفاجأ بعد تخرجه بمتطلبات سوق العمل، التي يفتقر العديد منها؛ نظراً لإهدار الوقت في المواد العامة، فضلاً عن عدم التعمق في دراسة المواد التخصصية، التي تعد عصب التحاقه بسوق العمل؛ حيث إن أغلب الشركات تطلب خبرات عملية وتطبيقية ونظرية للالتحاق بها، وهو الأمر الذي يفتقر إليه عقب التخرج؛ حيث يدرس معلومات غير كافية لتمكينه وصقل مهاراته.

وأوضح أنه درس نحو 24 مادة طوال فترة دراسته الجامعية، منها نحو 10 مواد عامة أهدرت الوقت من دون جدوى، ونتج عنها عدم حصوله على معلومات كافية من المواد التخصصية الأصلية التي ستؤهله للالتحاق بسوق العمل؛ حيث درس معلومات بسيطة غير كافية لتأهيله لسد فجوة في أي من القطاع الحكومي أو الخاص.

وبيّن خالد محمد، أنه تفاجأ بحاجته إلى الحصول على دورات تدريبية وتعليمية، لصقل مهاراته وتمكينه من الالتحاق بسوق العمل، نظراً لأن مخرجات الجامعة لم تؤهله للالتحاق بوظيفة؛ حيث حصل خلال فترة دراسته على معلومات غير كافية حول تخصصه، أغلبها معلومات أساسية تحتاج إلى زيادتها والتطبيق العملي عليها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n7uw8hd

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"