عادي

عمل الخير

22:53 مساء
قراءة دقيقتين
1
مايا الهواري

د.مايا الهواري
عمل الخير كبذرة يزرعها الإنسان في أرض ما، تنمو وتتكاثر وتعود إليه ثماراً ناضجة، من يزرع الخير سيلقى خيراً، وسيحصد ما زرع حتماً، وهو من أحبّ الأعمال الّتي تقرّب الإنسان من ربّه.

ومن يفعل الخير يفعله دون انتظار ردّ الجميل، وسيعود عليه ما فعل بشكل من الأشكال، ومثال على ذلك قصّة بسيطة ولكنّ معناها كبير جدّاً عند الله، تعالى، وصاحب هذه القصّة هو ابن الجوزيّ، واعظ وفقيه وعالم إسلاميّ من بغداد. تقول القصّة: في يوم من الأيام، كان ابن الجوزي على سفر، وكان نائماً في المسجد، متّخذاً قيلولة وقسطاً من الرّاحة؛ وإذ بجنازة أحدهم تدخل المسجد ليُصلّى عليها، فقام فصلّى مع المصلّين ثمّ ذهب للدّفن الّذي نال استغراب ابن الجوزيّ، لأنّه تمّ بسرعة كبيرة، وغادر الجميع وتركوا القبر وحيداً، ولم يبق سواه حول القبر، علماً أنّ ابن الجوزي لا يعرف من يكون الشّخص المتوفّى، فجلس عند القبر وخاطب ربّه قائلاً: يا رب لا أعرف هذا الرّجل ولكنّه جاء لعندك، إن جاء هذا الرّجل عندي في أحد الأيام وكنت لا أعرفه فسأكرمه، فكيف وهو ذاهب لأكرم الأكرمين؟ وقال: أكرمه يا الله.

وغادر ابن الجوزي، وعندما جنّ اللّيل ورقد وأغمض عينيه، فجاءه رجل في المنام من نور بلباس أبيض قال له: أنت الّذي دعوت لي؟ فقال ابن الجوزيّ: من أنت؟ فردّ عليه: لولا دَعْوَتك كنت في مكان ثانٍ، ولأنّك دعوت لي فقد غفر الله لي.

لذا، لا يعلم المرء أيّ دعوة من شخص مجهول حتّى ولو كانت صغيرة ولو من عابر سبيل فإنّها تحمل الخير والفرج، ومن هنا كان للدّعاء لأخيك في ظهر الغيب أثر كبير، فلا يترك الإنسان الخير مهما قلّ، ولينشر الكلمة الطّيّبة، لما لها من الوقع الجميل في القلوب.

كما على المرء أن يضبط لسانه، فلا يتلفّظ بألفاظ سيّئة تزعج الآخرين، سواء تمّ توجيه الكلام لشخصٍ يعرفه أو لا يعرفه، كما حدث مع ابن الجوزيّ ودعائه لرجل مجهول فكان خيراً له، وهذه نتيجة الدعوة بالخير، فكيف إن قام أحدهم بالدّعاء بالشّر وحصول أمر غير جيد نتيجة حادث معيّن حصل معه أو سلوك وتصرّف غير جيّد، خاصّة إن كان غير قادر على الرّد المباشر، فلا يجد إلّا الدّعاء وسيلة لتفريغ قلّة حيلته، ولا يدري الإنسان أيّ دعوة تصيب، والإنسان يتّقي الله فيما يعمل، يتّقيه بلسانه الذي يجب أن يكون دائماً رطباً بذكر الله، حتّى ينطق حسناً جميلاً، فاعمل أيّها الإنسان خيراً وسيعود إليك عاجلاً أم آجلاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3jf2wnud

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"