الكهرباء وأثرها في التنمية

00:05 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد خليفة

شهدت البشرية في العقود الأخيرة تقدماً في المجال العلمي خاصة مجالات الطاقة، وعلى رأسها الطاقة الكهربائية، وتنوعت إبداعات الإنسان في الجانب التقني القائم على تلك العلوم، التي شهدت رسوخ النظريات العلمية التي أسست لتلك المناهج، وتوسعت في تلك الميادين الحياتية كافة.

تلك الإنجازات الملموسة في ميدان الكهرباء بثورتها العلمية، شقت الطريق أمام كل ما عرفته البشرية من تقدم مادي يمضي قُدماً، يوماً بعد يوم، في تعزيز رفاهية الإنسان، ما جعله يصعد متباهياً إلى قمة سُلّم الحضارة المادية، منغمساً في التفسير الاقتصادي للتاريخ في تصوره وتكييفه للحياة البشرية. كل ذلك تجلى في تلبية خصائص الإنسان، واستغلال كنوز الطبيعة وطاقاتها كلها في التعمير والتنمية والارتقاء. فقد استطاع العلماء بفضل الكهرباء استخدام علوم عديدة في هذا العالم الكبير في أحوال الحياة الطبيعية، وسرعة إدراك الأشياء وتسهيل حياة الجميع، تزيد في سرعة المواصلات وتلطف من خشونة الحياة والأشكال الهندسية الفيزيائية والكيميائية. لعل الاختراع الأكبر، من وجهة نظر البعض، الذي أحدث التغيير الحاسم في الأرض هو اختراع الكهرباء الذي أدى إلى تنمية الاقتصاد وزيادة المداخيل، وأصبح استخدام الكهرباء والوصول إليها مرتبطين ارتباطاً وثيقاً بالتنمية الاقتصادية.

ورغم تعدد مصادر توليد الكهرباء، لكن إقامة مشاريع التوليد سواء من محطات أو شبكات توصيل إلى كل بيت أو منزل في العالم، لا تزال أمراً صعب المنال، فهناك دول كثيرة ليست لديها مصادر مائية كافية، أو ليست لديها مصادر من النفط والغاز والفحم، أو لا تملك القدرة على إقامة مشاريع طاقة جديدة أو متجددة، وكل هذه المشاريع تحتاج إلى إمكانيات اقتصادية كبيرة، ولذلك لا تزال شعوب عديدة تعيش دون وفرة الكهرباء ورفاهيتها، ولا سيما في دول إفريقيا، خاصة دول جنوب الصحراء.

وقد أظهر تقرير أممي جديد، أن «حوالي 675 مليون شخص في جميع أنحاء العالم يعيشون دون كهرباء». وأشار التقرير إلى أن «حوالي 2.3 مليار شخص لا يزالون يعتمدون بشكل كبير على أنواع وقود الطهي التقليدية وغير الفعالة». وقدّرت التوقعات الحالية «أن 1.9 مليار شخص سيكونون بدون طهي نظيف و660 مليوناً بدون كهرباء في عام 2030 حال عدم اتخاذ المزيد من الإجراءات ومواصلة الجهود الحالية».

وفي الحقيقة هناك دول بلغت مستوى متقدماً في التنمية البشرية لكنها تعاني نقصاً في الكهرباء مثل: دولة جنوب إفريقيا التي تعاني انقطاع الكهرباء لمدة طويلة، بلغت أعلى مستوى لها العام الماضي، بما يعادل 1130 ساعة من انقطاع التيار. ويرجع السبب الرئيسي لتلك الأزمة، كما يقول الخبراء، إلى تدهور البنية التحتية للقطاع بصورة مستمرة خلال العقد الأخير، وهناك دول كثيرة أخرى تعاني انقطاع الكهرباء بشكل مستمر، ودول عربية عديدة، على رأسها العراق ولبنان وسوريا والسودان واليمن وليبيا وقطاع غزة، تعاني نقص الكهرباء منذ سنوات، وقد شهدت الأزمة ذروتها في الوقت الراهن ما سبب أضراراً كبيرة على الأوضاع الاقتصادية في تلك الدول.

وقد عملت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ قيامها على إنشاء شبكة كهرباء تشمل مختلف مناطق الدولة، بهدف توفير بيئة ملائمة للتنمية الاقتصادية، وساهم النمو الاقتصادي والسكاني السريع بالضغط على شبكة الكهرباء تلك بشكل كبير، لذا اتجهت الدولة إلى توفير بدائل للطاقة؛ لسد احتياجات التطور الاقتصادي والسكاني الكبيرين، وأيضاً لتقليل انبعاثات الغازات الضارة بالبيئة. فكانت الطاقة النووية أحد الخيارات المهمة، وذلك بهدف التقليل إلى أقصى درجة من الاعتماد على الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء، حيث يوجد في الدولة ست عشرة محطة توليد، وهي توفر الكهرباء في مختلف الإمارات. وهناك أيضاً توجه لتوليد الكهرباء من طاقة الشمس، وتعد دولة الإمارات من البلدان الأكثر اهتماماً بهذه الطاقة.

لا شك في أن قطاع الطاقة في الإمارات، خاصة الطاقة الكهربائية، وما وصلت إليه من تقدم غير مسبوق، قل أن تجد له نظيراً ليس في عالمنا العربي فقط؛ بل على مستوى العالم أجمع يؤكد أن الدولة نجحت في إيصال الكهرباء إلى كل بيت ومؤسسة ومعمل ومشغل، وهذا يمثل إنجازاً كبيراً يضاف إلى الإنجازات الكثيرة الأخرى التي حققتها دولة الإمارات عبر تاريخها، وذلك بفضل الرؤية الاستراتيجية التي تبناها قادتنا حفظهم الله، ووجود بنية تحت متطورة خاصة في مجال الطاقة المتجددة، وحرص القيادة على تلبية احتياجات المواطنين ورفاهيتهم وسعادتهم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5dn3u3nu

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"