حرب الأجواء السورية

00:43 صباحا
قراءة دقيقتين

تكررت في الآونة الأخيرة الاحتكاكات، وجرى تبادل للاتهامات بين قوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا والقوات الروسية حول خرق بروتوكولات عدم التصادم في الأجواء السورية، على نحو بات يثير الشكوك، ويطرح الكثير من الأسئلة عن أسباب وأهداف هذه الخروق التي كانت منضبطة إلى حد كبير قبل الحرب الأوكرانية.

خرق بروتوكولات منع التصادم بين الطائرات والمسيّرات الأمريكية والروسية في الأجواء السورية تحول، مؤخراً، إلى ظاهرة لم تكن موجودة إلا ما ندر قبل اشتعال الحرب الأوكرانية وتداعياتها العالمية. قبل بدء تلك الحرب كان يجري تنسيق الطلعات الأمريكية الروسية بشكل مسبق في إطار التفاهمات بين الجانبين، ما كان يقلل من احتمالات التصادم في الأجواء السورية، بينما يجري الحديث اليوم عن عشرات؛ بل مئات الانتهاكات وسط توتر مشحون باحتمالات الصدام في أي وقت؛ إذ بينما تتحدث واشنطن عن خروق كثيرة من الجانب الروسي، كادت في كثير من الحالات أن تؤدي إلى الصدام، من دون أن تقدم إحصاءات محددة بهذه الخروق، يقدم الجانب الروسي إحصاءات تشير إلى أن طائرات التحالف نفذت 1752 طلعة جوية غير منسقة خلافاً لبروتوكولات عدم التصادم في عام 2023، منها 340 في يوليو/تموز الماضي.

وتوضح أن طائرات التحالف قامت في يوليو الماضي ب180 طلعة في منطقة التنف؛ حيث تمر الخطوط الجوية الدولية، في وقت كانت هناك طائرات مدنية تحلق في المنطقة. وبعيداً عن الإحصاءات، فإن خطورة الاحتكاكات الأمريكية والروسية في الأجواء السورية اقتربت كثيراً من الاشتباك الفعلي في مرات عديدة، ما يثير الشكوك حول إمكانية فتح جبهة جديدة بين روسيا والغرب في سوريا؛ بهدف تشتيت انتباه موسكو، وتخفيف الضغط الروسي في الجبهة الأوكرانية، بعد تواتر الأنباء عن فشل الهجوم المضاد.

والأمر لا يقتصر هنا على الاحتكاك الذي قد يبدو متعمداً في الأجواء السورية، فهناك احتكاكات مماثلة روسية غربية فوق البحر الأسود، وفي بعض أنحاء أوروبا، لكن على الرغم من ذلك، فإن إمكانية اندلاع صراع روسي أمريكي مباشر في سوريا، يبقى أمراً مستبعداً، وإن كان غير مستبعد عبر إشعال حرب بالوكالة، تنفذها قوات حليفة مدعومة من واشنطن والغرب، سعياً إلى تحقيق الهدف ذاته؛ وهو استنزاف روسيا بكل الوسائل وفي شتى الاتجاهات. لكن هذه الاستراتيجية غير مضمونة، بعد أن ثبت أن محاولات استنزاف روسيا وإضعافها، أدت إلى نتائج عكسية، أي إلى استنزاف غربي أوروبي أمريكي، فيما بقيت روسيا تتعامل مع مجريات الحرب بشيء من التوازن المحسوب مع كل الاحتمالات.

غير أن خطورة هذه الاستراتيجيات القائمة على الاحتكاكات، وفتح جبهات جديدة، تكمن في أنها ستقود في النهاية إلى اندلاع صدام مباشر بين روسيا من جهة، والغرب وحلف «الناتو» من جهة أخرى، المنخرط فعلياً في الصراع الأوكراني، من دون أن يعلن عن ذلك رسمياً، وهو ما دفع الرئيس الروسي إلى الإعلان صراحة أن موسكو لا تسعى إلى الصدام المباشر مع واشنطن وحلف «الناتو»، لكنها جاهزة ومستعدة لمثل هذا الصدام الذي قد يكون مدمراً للجميع.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3csdas3z

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"