عالم متقلب.. وغافل

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

على مستوى الأحوال المناخية، ينتقل العالم من عام إلى آخر إلى مزيد من التطرف الذي يتبدّى في صور عدة، أقساها الارتفاع القاتل في درجات الحرارة في بقاع مختلفة، وأقلها التقلبات التي تبدل ما استقرت عليه أقاليم معينة طويلاً إلى عكسه تماماً، فلا يكاد ساكنوها يميزون بين المواسم وتقسيمات الفصول المعهودة.

ربما يكون الاضطراب في أوضاع المناخ أكثر قوة من تبدلات السياسة، وأسرع منها إيقاعاً، وأشد منها فتكاً بما توقعه من ضحايا وخسائر، لكنها، على الرغم من ذلك، لا تلقى ما تستحق من اهتمام، ولم تحشد حتى الآن إجماعاً على تحديد المسؤوليات، ولا سبل المواجهة على الرغم من كثرة ما انعقد من اجتماعات، وما صدر من مناشدات من خبراء وغيرهم.

نهاية الشهر الماضي، سجل وزراء البيئة في دول مجموعة العشرين، فشلاً جديداً في هذا السياق حين انتهى اجتماعهم في الهند باتفاق حول وصول الانبعاثات العالمية ذروتها بحلول 2025 وغيرها من القضايا المهمة، للتعامل مع أزمة المناخ، وبقي الأمل معلقاً على اجتماعات «كوب 28» التي تستضيفها الإمارات في نوفمبر المقبل، لتحقيق ما أخفق في بلوغه اجتماع الهند من اختراق في عدة قضايا رئيسية، أبرزها التوافق على زيادة استخدام الطاقة المتجددة بشكل كبير، والتخفيف التدريجي لاستخدام الوقود الأحفوري، خصوصاً الفحم.

ووصف المراقبون والخبراء هذا الفشل بضربة جديدة لجهود الحد من الانبعاثات المسببة لدرجات الحرارة القياسية حول العالم، وهي منشأ ما يشهده من فيضانات، وعواصف، وموجات حر، وحرائق هائلة ليست كافية حتى الآن لإقناع بعض الدول بتقديم مصلحة الكوكب وسكانه على اعتبارات السياسة والتجارة. والمطلوب أن تكون الأطراف المتعنتة أكثر مرونة في النقاشات المتعلقة بأزمة الانبعاثات، فالخبراء والعوام أكثر إدراكاً للأسباب والمآلات من الساسة الذين تنقصهم الجدية والمسؤولية اللازمتان للتوصل إلى تفاهم سياسي يكون أساساً لأي اتفاقات فنية في هذا الشأن.

لا يتصور إعلاء مصلحة بلد أو مجموعة بلدان إذا تعارضت مع ضرورات حفظ مصلحة الكوكب، وحياة أهله المهددة بأثر التغييرات المناخية، وأبرزها الحرائق الناتجة عن الحر المسببة لمحو مناطق كاملة من بعض الدول وقتل سكانها، هذه الحرارة وتبعاتها المدمرة فرضت نفسها منذ يوليو الماضي على بقاع واسعة في أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية ودول حوض البحر الأبيض المتوسط، فكان أن رأينا الحرائق المدمرة، خاصة في اليونان التي استدعت أزمتها، استنفار فرق إطفاء من أكثر من دولة. وعرفت تونس والجزائر نسخاً أخرى من الحرائق المرتبطة بالحر وسرعة الرياح وجفاف أشجار الغابات الذي يسهل استعارها، وتستنزف جهوداً طائلة في المكافحة؛ حفاظاً على البشر والممتلكات.

وبعيداً عن الحرائق، تحبس الحرارة الملايين حول العالم في بيوتهم، وتضيف إلى ما يشهده العالم من صراعات سياسية في أكثر من ساحة، سبباً جديداً للقلق والخوف على الحياة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4a44numd

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"