عادي

مع انتهاء المهلة.. أزمة الوجود الفرنسي في النيجر تدخل منعطفاً خطراً

14:41 مساء
قراءة 4 دقائق

«الخليج» - متابعات

تدخل الأزمة بين فرنسا والمجلس الانتقالي في النيجر منعطفاً خطراً مع اقتراب انتهاء المهلة التي أعطاها المجلس الانتقالي في نيامي، لباريس، لتنهي وجودها في نيامي عن طريق سحب قواتها وسفيرها المعين هناك خلال حكومة الرئيس المعزول محمد بازوم، لا سيما أن فرنسا تظهر تعنتاً كبيراً حيال هذا الأمر، وأعلنت رفضها سحب قواتها أو سفيرها من البلاد؛ إذ أكد وزير الدفاع الفرنسي، سباستيان لوكورنو، أن باريس لن تخضع لمطالب المجلس.

وخرج الآف المتظاهرين في العاصمة النيجرية، السبت، للاحتجاج أمام قاعدة عسكرية فرنسية في نيامي، مطالبين بمغادرة قواتها في أعقاب الانقلاب العسكري الذي ترفضه باريس، وتدعم كل السبل لإيقافه، في الوقت الذي يحظى فيه الانقلاب بدعم شعبي كبير.

وعلى الرغم من أن الانقلاب الذي شهدته الدولة الواقعة في غرب إفريقيا، أثار قلق القوى العالمية التي تخشى عسكرة كاملة لمنطقة غرب ووسط إفريقيا، والتي عانت عدوى الانقلابات العسكرية؛ حيث شهدت ثمانية انقلابات خلال ثلاثة أعوام فقط، فإن فرنسا تعد الدولة الأكثر تضرراً من خريف الانقلابات الإفريقية ذلك؛ حيث أدى كل واحد منها إلي خسارة جزء من نفوذها على مستعمراتها السابقة في غرب إفريقيا خلال السنوات الماضية مع تزايد الانتقادات الشعبية.

وطردت مالي وبوركينا فاسو المجاورتان القوات الفرنسية بعد انقلابين في هذين البلدين، ما قلل من دورها في الحرب على تمرد إسلاميين متشددين، أودى بحياة كثيرين في المنطقة.

وتنتهي الأحد المهلة التي حددها المجلس العسكري الحاكم في النيجر للقوات الفرنسية لمغادرة البلاد، وإنهاء باريس لوجودها الدبلوماسي والعسكري في البلاد.

وكان أعضاء من المجلس العسكري قد شاركوا، السبت، في تظاهرات أمام القاعدة العسكرية الفرنسية في العاصمة نيامي، للمطالبة بانسحاب القوات الفرنسية من النيجر.

  • مخاوف من استخدام القوة

وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات التي تمت بدعوة من حركة «إم 62» الائتلافية التي تضم منظمات المجتمع المدني المناهضة للوجود العسكري الفرنسي في النيجر، للحد الذي آثار مخاوف من اقتحام القاعدة الفرنسية.

بينما هددت فرنسا بالرد على أي تصعيد ضد وجودها العسكري والدبلوماسي في النيجر؛ وذلك بعد أن أعلنت وزارة الخارجية التابعة للمجلس العسكري في نيامي، أنها أصدرت تعليمات للشرطة بترحيل السفير الفرنسي وعائلته من البلاد.

ونقلت وسائل إعلام فرنسية عن هيئة الأركان قولها، إنها مستعدة للرد على أي تصعيد قد يقوّض نفوذها العسكري والدبلوماسي في النيجر، وأنها اتخذت الإجراءات اللازمة، لحماية هذا الوجود.

  • طرد السفير

وكانت الخارجية النيجرية قد ذكرت، في بيان، أنها ألغت الصفة الدبلوماسية للسفير الفرنسي سيلفان إيت وعائلته، وأمرت أجهزة الشرطة بالعمل على طرده، لكن الخارجية الفرنسية اعتبرت أن الانقلابيين ليسوا مؤهلين لتقديم هذا الطلب، وأن اعتماد السفير لا يأتي إلا من السلطات النيجرية الشرعية المنتخبة.

وقال المجلس في 29 أغسطس/ آب الماضي، إن التأشيرات الخاصة بالسفير وعائلته أُلغيت وأن الشرطة تلقت تعليمات بطرده، وأمره المجلس الانتقالي، الجمعة الماضية، بمغادرة البلاد خلال 48 ساعة، رداً على تصرفات حكومته، والتي يرى المجلس أنها تتعارض مع مصالح النيجر.

  • أسباب التعنت الفرنسي

وتمثل النيجر كنزاً ثميناً لفرنسا، باعتبارها أحد أهم حلفاء باريس في دول الساحل والصحراء، فضلاً عن كونها مصدراً رئيسياً للإمداد باليورانيوم المستخدم في إنتاج الكهرباء لملايين الأسر الفرنسية.

وبدأت الشركة النووية الفرنسية، تعدين احتياطات اليورانيوم في النيجر منذ عام 1970؛ حيث كان قرابة 35 في المئة من اليورانيوم المستخدم في المفاعلات الفرنسية عام 2020، يأتي من النيجر.

وتوثقت شراكة نيامي وباريس في منطقة الساحل والصحراء، بعدما نقلت فرنسا قواتها من مالي عام 2022، إلى النيجر، بداعي الاستفادة من الخبرات الفرنسية في التدريب العسكري ومكافحة الإرهاب.

ويمثل بقاء النيجر ضمن الحظيرة الفرنسية بحسب «التايمز»، ضرورة قصوى لمحطات الطاقة النووية التي توفر 75% من الكهرباء في فرنسا.

وحسب الأخبار الواردة عن وزارة المالية الفرنسية، فإن واردات البلاد من البترول النيجري، ارتفعت ب130% خلال الأشهر الستة الأولى من 2022، من جرّاء اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/ شباط من العام نفسه.

وتعد النيجر أحد البلدان الإفريقية الغنية بالبترول والغاز الطبيعي؛ إذ يقدر احتياطها النفطي ب953 مليون برميل، والغازي ب24 مليار متر مكعب.

وتخشى باريس ضياع آخر حلفائها في منطقة الساحل، بعد القطيعة مع مالي، بعد تدهور العلاقات مع المجلس العسكري الحاكم هناك، وطردها من بوركينا فاسو من الجنود الذين استولوا على الحكم، إثر انقلاب عام 2022.

  • صداقة متينة مع بازوم

وكان الرئيس المخلوع محمد بازوم، على علاقة متينة مع فرنسا التي لها قاعدة عسكرية بها أكثر من 1500 جندي في النيجر، إضافة إلى قنصليتها والموظفين بها.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، إنه يتحدث مع بازوم كل يوم، وإن «أي قرارات سنتخذها، أياً كانت، ستكون مبنية على تواصلنا مع بازوم».

وندد المجلس العسكري في النيجر بتصريحات ماكرون، ووصفها بأنها مثيرة للانقسام، ولا تهدف إلا إلى ترسيخ علاقة استعمار جديدة بين فرنسا ومستعمرتها السابقة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mxhtfz52

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"