الإمارات تضيء الفضاء العربي

00:18 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمود حسونة

الحكومات هي التي ترسم ملامح الدول، وهي التي تضعها في الموقع المناسب على خريطة العالم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والدول هي التي تمهد الطريق أمام الشعوب لكي تنطلق وتنجز وتتفوق، أو لكي تتعثر وتسقط وتتخلف.

  قيادة دولة الإمارات اختارت منذ التأسيس عام 1971 أن تشكّل دولة متفردة الملامح، متفوقة في الإنجاز، صادقة الوعد، متوحدة البيت، آمنة العيش، سباقة إلى المستقبل، كما اختارت أن تحولها من دولة ناشئة إلى فتية الجهد والعلم والبحث والعمل حتى تتصدر وتحطم المستحيل، وتسبق إلى المراكز الأولى في مؤشرات العيش والتنمية والحكم. واختار الشعب أن يلحق بالقيادة، وأن يرد الدَّين للدولة التي وضعت رفاهيته على رأس أولوياتها، وأن يكّد ويجتهد حتى يكون جديراً بالدولة التي ينتمي إليها. 

  الدولة النموذج لا بد أن تنجب أبناء نموذجيين، يُضرب بهم المثل، ويصبحون قدوة لأبناء الدول المحيطة،. ورائد الفضاء الإماراتي سلطان النيادي أصبح القدوة والمثل، ليس لباقي أبناء الإمارات فقط، ولكن لكل شاب عربي حالم بالمستقبل، ساعٍ للإنجاز، شغوف بالعلم، باحث عن الأمل، مستكشف للمجهول من أسرار الكون والفضاء. هبط سلطان النيادي، الأسبوع الماضي، على الأرض سالماً، بعد أن قضى ستة أشهر في محطة الفضاء الدولية ليكون أول عربي يحقق هذا الإنجاز العلمي المهم، أجرى وهو يحلق بين الكواكب 200 تجربة علمية غير مسبوقة، وخاض أول مهمة عربية للسير في الفضاء، وتجوّل بالكاميرا بين المدن والعواصم والجغرافيا العربية، ليرسل إلى الأرض صوراً لما تتميز به كل دولة عربية. 

   ومثلما يفخر الإماراتيون بدولتهم، فإن الإمارات اليوم فخورة ليس بسلطان النيادي فقط، ولكن أيضاً بهزاع المنصوري صاحب الرحلة الإماراتية الأولى إلى الفضاء، وبكل شاب وفتاة اختاروا هذا المجال البكر للعمل، وحلموا مع الدولة وساهموا بعقولهم وجهودهم وإبداعهم لأن تكون الإمارات عاشر دولة في العالم تقوم بمهمة طويلة الأمد في الفضاء. 

  الإمارات تحرص دائماً على منح إنجازاتها في الفضاء بعداً عربياً، منذ الإعلان عن مشروعها لاستكشاف الفضاء وحتى اليوم، وتعتبر أن ما حققته في هذا العلم ما هو إلا أولى الخطوات لاستعادة المجد العربي المفقود، وتبدي دائماً الاستعداد للتعاون مع أي دولة عربية تخطط للاتجاه إلى الفضاء، فالإنجاز الإماراتي هو لكل العرب، والأمنية هي أن يتطلع كل عربي للمستقبل، وهو يحمل بين يديه موروث الأجداد والأولين من العلم النافع المفيد، من دون أن يغرق في الماضي، ومن دون أن يتخلى عنه، ولعل هذا هو الذي يمكن أن يمهد الطريق لاستعادة الحضارة. 

  مهمة سلطان لم تنته، بل إن ما فعله في الفضاء لم يكن سوى جمع المفيد للناس للقيام بجولات على المدارس والجامعات والمؤسسات ليطلع الجميع على نتائج تجاربه العلمية المهمة، والتي ينبغي أن تستفيد منها الدول العربية وتدعوه للقاء الطلاب والمهتمين والمتخصصين فيها، للتعرف إلى نتائج رحلته غير المسبوقة عربياً، علّها تختصر مسافات على من يتطلع إلى المستقبل، ويحلم بموقع مختلف على خريطة العلم والمعرفة. 

   سلطان ذهب إلى الفضاء وأقام بين الكواكب والنجوم ستة أشهر ليتحول إلى نجم عربي، ليس نجماً فنياً ولا رياضياً، ولكنه نجم في سماء العلم يضيء الفضاء العربي، ويعيد الأمل لكل شاب عربي يتسلح بالعلم، ويختار مجال البحث والاستكشاف أملاً في كشف المزيد من أسرار هذا الكون العظيم الذي سيظل الإنسان يسعى ويسعى لسبر أغواره التي لن تنتهي، ولكن مساعي الدول الطامحة لمكانة متميزة على الكوكب لن تتوقف.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3pv8pccf

عن الكاتب

كاتب صحفي، بدأ مسيرته المهنية عام 1983 في صحيفة الأهرام المصرية، وساهم انطلاقة إصداراتها. استطاع أن يترك بصمته في الصحافة الإماراتية حيث عمل في جريدة الاتحاد، ومن ثم في جريدة الخليج عام 2002، وفي 2014 تم تعيينه مديراً لتحرير. ليقرر العودة إلى بيته الأول " الأهرام" عام 2019

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"