فرصة للمعرفة.. لكن احذر

كما هو معروف، تحول العالم إلى ما يشبه القرية العالمية، مع دخول شبكة الإنترنت، وتطوراتها المتلاحقة، حيث تتواصل المجتمعات في مختلف أرجاء العالم، بعدة وسائل وتطبيقات وبرامج، وقد يكون من أهمها وأكثرها انتشاراً، مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي، ما جعل هذه الوسائل تأخذ مكاناً مهماً في حياتنا اليومية، وتستنزف الكثير من الجهد والوقت.
وتبعاً لهذا، ترتب على الاستخدام الكثيف، لدرجة الإدمان عند البعض، آثار نفسية واجتماعية، خصوصاً في الصحة النفسية، والعلاقات الاجتماعية، وهذا الموضوع متداول بشكل دائم، وهو محل دراسات وبحوث علمية متواصلة.
على سبيل المثال، على الجانب النفسي، يمكن أن تكون مواقع التواصل الاجتماعي مصدر إلهام وإبداع وتفاؤل، لكنها، في الوقت نفسه، يمكن أن تكون مصدر قلق واكتئاب. العديد من الدراسات أظهر أن الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى انعدام الثقة بالنفس والشعور بالعزلة والقلق الاجتماعي.
واحدة من المشاكل الشائعة تتمثل في المقارنة مع الآخرين، بل تعد واحدة من الظواهر الشائعة على تلك المواقع. هناك من يقضون أوقاتاً طويلة في تصفح صور ومنشورات الآخرين، ومعها يبدأون في المقارنة مع ما يعيشونه، في مختلف تفاصيل حياتهم الخاصة، مع ما يرونه من صور ومقاطع فيديو للآخرين، وغني عن القول أن مثل هذه المشاهدات المتكررة، قد تسبب شعوراً بعدم الرضا الذاتي، بل قد توجد مشاعر مثل الإحباط، ونحوه من المشاعر السلبية.
من الجانب الاجتماعي، هذه المواقع أداة قوية لتكوين الصداقات، وبناء العلاقات الاجتماعية، والتواصل مع الأقارب والأصدقاء، خاصة من هم في مواقع بعيدة. من ناحية أخرى، قد يسبب الانغماس الزائد في العالم الافتراضي نوعاً من العزلة عن العالم الحقيقي، وتدهوراً في العلاقات الشخصية. يمكن أن يكون لمواقع التواصل الاجتماعي تأثير سلبي في مستويات التعاطف، حيث يمكن أن يفقد الأشخاص القدرة على التعاطف مع الآخرين في الحياة الحقيقية؛ بسبب التركيز المبالغ فيه على الحياة الافتراضية.
دون شك أننا بحاجة لتعزيز الوعي حول استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وتطبيقاتها المختلفة بطريقة سليمة ومتوازنة، مع الحفاظ على الحياة الاجتماعية الحقيقية. من الضروري تعلم كيفية الاستفادة من الفرص التي تقدمها هذه المواقع والتطبيقات المختلفة في جوانب مثل الثقافة والمعرفة والتدريب والمعلومات، مع تجنب الأخطار المحتملة التي قد تؤثر سلباً في صحتنا النفسية وعلاقاتنا الاجتماعية.
[email protected]
 www.shaimaalmarzooqi.com