عادي
اختيرت شعاراً لعام التسامح لارتباطها بالموروث الشعبي

أشجار الغاف بالإمارات.. كنوز بيئية تعزز الرقعة الخضراء وتكافح التغير المناخي

13:13 مساء
قراءة 4 دقائق

أبوظبي: «الخليج»
تحظى شجرة الغاف بمكانة خاصة لدى أهل الإمارات، نظراً لقيمتها البيئية وفوائدها المتعددة، واقترانها بهوية الدولة وتراثها، ولذلك أولت الإمارات اهتماماً كبيراً بها، وأطلقت المبادرات التي أسهمت في الحفاظ عليها وزيادة أعدادها.
وتغطي أشجار الغاف مساحات واسعة من أرض الإمارات، لتقف شاهدة على اهتمام المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وحبه العميق للطبيعة، وحرصه الشديد على حماية البيئة والحفاظ عليها، ودعمه للزراعة، والتوسع في نشر الرقعة الخضراء، حيث اهتمّ بزراعة الأشجار عموماً، والغاف خصوصاً، وأصدر توجيهاته بمنع قطعها في جميع إمارات الدولة. كما أمر باستزراع غابات جديدة منها.
وتمتاز أشجار الغاف بسهولة تكاثرها، وسرعة نموها، والتكيف مع الأجواء البيئية المحيطة بها، إذ تتعمق جذورها في التربة لمسافات بعيدة، كما تتميز بقدرتها على تحمّل الجفاف وامتصاص المياه من 20 متراً تحت سطح الأرض.
وتعدّ هذه الأشجار ثروة متعددة الفوائد، وفي مقدمتها مكافحة التصحّر، حيث تتحمّل الملوحة العالية وتقلبات الجوّ والرياح، وهي ملائمة للزراعة في التربة الرملية، كما تستخدم لتشجير الشوارع والطرق والمتنزّهات العامة التي تزيّنها وتضفي عليها سمة جمالية راقية.
وفيما يخص فوائدها البيئية أيضاً؛ تعمل على تقليل الانبعاثات الكربونية بامتصاصها، وبذلك تساعد على تقليل آثار التغير المناخي، كما تسهم في تحسين جودة الهواء، حيث يمكن لشجرة الغاف التي يصل عمرها إلى 10 سنوات أن تحتجز نحو 34.65 كيلوغراماً من ثاني أكسيد الكربون سنوياً.
وتستعرض حملة «استدامة وطنية» التي أطلقت أخيراً تزامناً مع الاستعدادات لمؤتمر «COP28»، مبادرات دولة الإمارات في الحفاظ على أشجار الغاف، حيث خصصت الحملة محوراً خاصاً لـ«المحمية» للإضاءة على قصص النجاح الوطنية في حماية البيئة والتنوع البيولوجي.
وتشمل الحملة محاور عدة، أبرزها «إرث الوالد المؤسس»، و«أبطال العمل المناخي»، و«الطريق نحو تحقيق الحياد المناخي».

  • الشجرة الوطنية

وأعلنت الغاف الشجرة الوطنية لدولة الإمارات عام 2008، لما تمتلكه من قدرة على التأقلم المثالي مع البيئة الصحراوية للدولة، فهي شجرة تتحمّل الجفاف، ويمكن أن تظل خضراء حتى في البيئات الصحراوية القاسية، إلى جانب أهميتها للإنسان والحيوان والحفاظ على توازن البيئة كذلك.
وفي عام 2019 اختيرت شجرة الغاف لتكون شعاراً لعام التسامح، كونها من الأشجار الأصلية، وترتبط بالموروث الشعبي والبيئي والأصالة الإماراتية، وتعدّ رمزاً للصمود في الصحراء، وشاهداً على عادات قديمة.

  • حملات وطنية توعوية

وأطلقت جهات حكومية وخاصة في الإمارات حملات وطنية لحماية الغاف، تضمنت مبادرات للتوعية البيئية، وتنظيم مسابقات بيئية وتوزيع ملصقات ومنشورات عن أهميتها وكيفية المحافظة عليها.
 وهدفت هذه الحملات إلى حماية هذه الشجرة من خطر الانقراض، اعترافاً بقيمتها وأهميتها في حماية بيئة الإمارات وإسهامها في مكافحة التصحّر وارتباط أبناء المنطقة بها منذ القدم.
وتتخذ السلطات المحلية في الدولة تدابير صارمة في حق من يقوم بقطع أشجار الغاف، بموجب القانون الاتحادي رقم 24 لعام 1999، الذي يحظر قطع النباتات البرية أو اقتلاعها أو جمعها بطريقة غير مشروعة.
وأطلقت كثير من الجهات الحكومية في الدولة حملات وطنية لحماية الغاف مثل مشاريع ترقيمها في أبوظبي ودبي وعجمان ورأس الخيمة، وزراعة أشجار الغاف في محمية حزام غابات المنتثر في الشارقة.
كما أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 18 لسنة 2018 بزراعة النباتات المحلية والمحافظة على الطبيعة، الموقع الإلكتروني «غراس» للتشجيع  على زراعة النباتات المحلية، وغيرها من المبادرات.

  • فوائد بيئية

وتؤدي أشجار الغاف دوراً مكملاً للسلسلة الغذائية في النظام الإيكولوجي، حيث تعدّ أزهارها وثمارها وأوراقها وأغصانها وجذورها، موارد وموائل لتشكيلة من النباتات والحيوانات المتوطنة.
وتعد من أغنى الأشجار بالفوائد التي استفاد منها سكان الصحراء، فكانوا يستخدمون خشبها وقوداً ومادة للبناء والأثاث، ويستظلون بظلالها الوارفة.
ولأهمية هذه الشجرة البيئية أقيمت لها محمية «غاف نزوى» في دبي، وتتميز بوجود أعداد من أشجار الغاف التي تظهر على شكل غابات من الأشجار التي تكسو المنطقة وتوفر بيئة ظليلة وجاذبة لمختلف أنواع الطيور والحيوانات.

  • توظيف التقنيات الحديثة

أعلنت وزارة التغير المناخي والبيئة عام 2020، نجاح زراعة 6 ملايين بذرة سمر، و250 ألف بذرة غاف، في 25 موقعاً مختاراً علمياً في الدولة، ضمن مشروع الزراعة المحلية باستخدام الطائرات من دون طيار، ضمن استراتيجيتها لتعزيز الإنتاج الزراعي المحلي واستدامته.

  • حماية التنوع البيولوجي

وزرعت هيئة البيئة – أبوظبي نحو 6 ملايين شجرة في إمارة أبوظبي، تشكل 31% من مجمل الأشجار المزروعة في الغابات، وسجّلت نحو 54 ألف شجرة غاف تعيش في بيئاتها الطبيعية في الأجزاء الشرقية من الإمارة.
ويخزن مشتل هيئة البيئة لإكثار النباتات المحلية حالياً بذور 58 نوعاً من النباتات البرية المحلية بما في ذلك شجرة الغاف.
وخلال عام 2021 أطلقت الهيئة مشروعاً طموحاً ينفذ لأول مرة لإحصاء  الأشجار المحلية المعمرة والمهددة في البيئات والموائل الطبيعية المنتشرة على مساحة الإمارة وترقيمها، من ضمنها أشجار الغاف، حيث سجلت 54456 شجرة غاف و43000 شجرة سمر تنموان في الحالة البرية في الإمارة.

  • ترقيم أشجار الغاف

وأطلقت بلدية دبي عام 2014 مشروع «ترقيم الأشجار المعمرة» لتوفير قاعدة بيانات إلكترونية عنها، وإحصاءات بأعدادها وأطوالها وأقطار سوقها وأعمارها، وبدأ المشروع بترقيم أشجار الغاف الطبيعية، كونها أهم شجرة بيئة محلية.
وانتهت البلدية من المرحلة الأولى في 177 منطقة، حيث استهدفت ترقيم 10 آلاف شجرة من الغاف.
وبدأت المرحلة الثانية عام 2021 واستهدفت الترقيم في 49 منطقة أخرى.

  • حملة لتوزيع 100 ألف شجرة

شارك ملاك المزارع وأصحاب الشركات والإنشاءات الفندقية وأعضاء مجلس المزارعين بالدولة، في مبادرة وطنية لتوزيع أكثر من مئة ألف شجرة غاف مجانية في مختلف إمارات الدولة على المواطنين والراغبين في زراعة الشجرة داخل منازلهم أو بالحدائق. وعبر المساهمون وأصحاب المزارع عن حرصهم على رد الجميل لدولتنا الحبيبة، التي تعمل جاهدة على توفير الموارد والمستلزمات كافة للنهوض بالتنمية الزراعية.
وأشار حميد عبيد الزعابي عضو مجلس المزارعين بعجمان، إلى أن المبادرة لا ترجع أهميتها إلى المساهمة في توفير المزيد من المساحات وارفة الظلال والهواء المنعش، بل تمتد إلى المساهمة العملية في تحويل الانبعاثات الكربونية إلى هواء نظيف للأجيال القادمة. (وام)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/22fwnzsz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"