إبراهيم غلوم الناقد الفاحص

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن

فقدت البحرين، والحركة الثقافية في منطقة الخليج، أحد أبرز وجوهها المميزة، برحيل الأكاديمي والناقد الدكتور إبراهيم عبد الله غلوم قبل يومين عن عمر ناهز الحادية والسبعين عاماً بعد معاناة طويلة من المرض، تاركاً وراءه إرثاً غنياً من الدراسات النقدية، خاصة في مجالي المسرح والسرد، فضلاً عن كتب مهمة في التاريخ الثقافي ورموزه في وطنه وفي الخليج عامة، يضاف إلى ذلك دوره المهم كناشط ثقافي بارز، ترأس مجلس إدارة أسرة الأدباء والكتاب في البحرين لعدة دورات، كما سبق أن كان عميداً لكلية الآداب في جامعة البحرين، ورئيساً ومؤسساً لقسم اللغة العربية فيها، وشارك أيضاً في تأسيس مسارح وجمعيات ثقافية واتحادات محلية وعربية، كما ساهم في صياغة مشاريع وخطط واستراتيجيات ثقافية خليجية وعربية، وترأس تحرير العديد من المجلات الأكاديمية الفكرية والثقافية.

منذ سبعينات القرن الماضي، حين كان لا يزال طالباً جامعياً بدأ الفقيد كتاباته النقدية، قبل أن يحصل على شهادة الدكتوراه من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة التونسية عام 1983، وتبوأ مواقع ثقافية على المستوى الخليجي، كعضوية مجلس أمناء مجلس جائزة عبد العزيز البابطين للإبداع الشعري، وعمل أستاذاً زائراً لأدب الخليج والجزيرة العربية في جامعة الكويت عام 1986، كما شارك بصفته ناقداً مسرحياً في العديد من دورات مختلفة من أيام الشارقة المسرحية وسواها من المهرجانات المسرحية الخليجية، وكان عضواً في لجان تحكيم بعضها، ونال الكثير من الجوائز والأوسمة تقديراً لعطائه، بينها وسام الكفاءة من الدرجة الأولى من ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وقلادة تكريم المبدعين في دول مجلس التعاون، وجائزة البحرين للكتاب في حقل النقد الحديث.

تميّز بدراساته العميقة في تاريخ الحركة الثقافية في البحرين والمنطقة، من خلال عدد من الكتب التي كرّسها لهذا الموضوع، بينها «المسافة وإنتاج الوعي النقدي»، «الثقافة وإنتاج الديمقراطية»، في سياق التحوّل الأدبي الثقافي في البحرين في الستينات، الذي رآه الباحث في شموليته كونه تعبيراً عن تحولات سياسية واجتماعية عميقة، لا بد من رصدها وتتبعها وتحليل تأثيرها في الحقل الثقافي، ومدى تأثير هذا الأخير، بدوره، فيها، منطلقاً في ذلك من حقيقة أن زمناً ما «قد يطمس نصوصاً وتجارب دون أن يعني ذلك نقصها وعدم امتلاكها روح الحدث وعمق التأسيس في الوعي»، وهي رؤية صائبة تحثنا على التنقيب في المجهول من تاريخنا الثقافي، الذي قد يكون أكثر من المعلوم منه.

مثل إبراهيم غلوم، بمنجزهم الثقافي المميز، لا يغيبون حتى لو رحلوا عن الدنيا، وإنما يبقون منارات مضيئة على دروب المعرفة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdehmt8x

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"