تساؤلات حول القمة الصينية - الروسية

00:21 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. محمد السعيد إدريس

حسم الرئيسان الصينى شي جين بينغ والروسى فلاديمير بوتين الإجابة عن سؤال التحدى الصعب: هل سيذهب بوتين إلى الصين للمشاركة في الاحتفالات الصينية بمرور عشر سنوات على إطلاق مبادرة «الحزام والطريق» التي تُعد من المشاريع الجيو- سياسية الرئيسية للرئيس الصينى متحدياً الولايات المتحدة والغرب كله الذي فرض عليه «عزلة إجبارية» تحول دون قيامه بزيارات خارجية بعد القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية الذى يطالب بتوقيف الرئيس الروسي بسبب اتهامات بحقه تتعلق بالحرب الأوكرانية. بوتين كان متحسباً لهذا القرار لذلك شاء أن يعتذر عن حضور قمة دول تجمع بريكس في جنوب إفريقيا في أغسطس(آب) الماضى حرصاً منه على عدم إحراج قادة جنوب إفريقيا ووضعها في موضع التحدى لقرار المحكمة الدولية إذا هى استضافت الرئيس الروسى.

من هنا تأتي أهمية دعوة الصين للرئيس الروسي لحضور قمة المنتدى الذي تنظمه بكين احتفالاً بمرور عشر سنوات على إطلاق مبادرة «الحزام والطريق»، وهي القمة التى يشارك فيها 130 من قادة الدول الذين اختارت الصين أن توجه لهم الدعوة للمشاركة في هذا المنتدى، ومن هنا تأتي أيضاً أهمية استجابة الرئيس الروسي للسفر إلى بكين للمشاركة في المنتدى المشار إليه ولعقد قمة خاصة مع نظيره الصيني شي جين بينغ في اليوم الثاني من أعمال القمة (أمس الأول الأربعاء 18/10/2023) التى بدأت يوم الثلاثاء الماضى. وهذا يعنى أن تحدي واشنطن أضحى مزدوجاً صينياً- روسياً، على عكس ما كان يأمله الرئيس الأمريكي جو بايدن الذى يعد للقاء قمة مع الرئيس الصيني على هامش قمة «منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا – المحيط الهادئ» (أبيك) الذى تستضيفه الولايات المتحدة في سان فرانسيسكو الشهر المقبل، ضمن طموح أمريكي بإيجاد «فجوة ثقة» بين الرئيسين الروسي- والصيني، وإبعاد الصين عن شراكتها مع روسيا، والحيلولة، بالتحديد، دون دخول الصين كطرف داعم لروسيا في حربها في أوكرانيا في هذا الوقت بالذات الذي وصلت فيه الحرب إلى مرحلة حرجة بين الطرفين، حيث تراهن واشنطن على عجز روسيا عن مواصلة الحرب بسبب القصور في المعدات العسكرية.

وصول بوتين إلى بكين هو بالأساس انتصار للصين في تحديها للولايات المتحدة، لكن يبقى السؤال الأهم هو: إلى أي مدى سيكسب بوتين الرهان على الصين؟ هل ستقبل الصين أن تكون داعمة لروسيا عسكرياً في هذه الظروف؟، وهل ستقبل الوفاء بالوعود التى سبق أن قدمتها لروسيا من دعم اقتصادي ومشاريع استثمارية كبرى وخاصة مشروع خط أنابيب الغاز العملاق «سيبيريا فورس -2»؟

الأسئلة مهمة وإجاباتها أهم بالطبع هو: ضمن أي إطار ستسير العلاقة بين بكين وموسكو ابتداء من الآن؟ السؤال يعنى ضمن أي إطار ستسير العلاقة بين البلدين؟ هل ضمن إطار الشراكة الثنائية بين عملاقين يجمعهما هدف مشترك محوري وهو التخلص من نظام الأحادية القطبية الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة بدعم من حلفائها في «مجموعة الدول الصناعية الكبرى السبع»، أم ضمن مستوى أدنى، يراه مراقبون منطقياً وفقاً لمعادلة توازن القوى الراهن بين موسكو وبكين، الذي لم يعد لصالح روسيا بعد استنزاف قدراتها طيلة الأشهر التى مضت من الحرب الأوكرانية وفي ظل تزايد الاعتماد الروسي على الدعم والمساعدة الدبلوماسية والاقتصادية الصينية، والآن جاء الدور على المساعدات العسكرية، خاصة بعد أن وصلت المبادلات التجارية بين البلدين عام 2022 إلى مستويات قياسية بلغت نحو 190 مليار دولار، وفق الجمارك الصينية، ويرجح أن تصل في هذا العام إلى 200 مليار دولار؟

الرئيس بوتين الذى أكد أمام «منتدى فالداي السياسي» (الخميس 5/10/2023) أن مهمة بلاده تتمثل في «بناء عالم جديد» وأنه «آن الأوان لأمريكا أن تتخلص من غطرستها»، والرئيس بوتين الذى اتخذ قرار الحرب في أوكرانيا متحدياً الولايات المتحدة وأوروبا وحلف شمال الأطلسي من منطلق إدراكه لطموح روسيا لتكون قوة عالمية شريكة في التأسيس لنظام عالمى جديد أكثر عدالة وديمقراطية على أنقاض نظام الأحادية القطبية، من المستحيل أن يقبل بما هو دون «العلاقة الندية» مع الصين؟

مخرجات قمة الرئيسين سوف تجيب حتماً عن هذا السؤال بعد الإعلان عن تحالف ثنائي بلا حدود.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/nhaywb6e

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"