رأيت.. وسمعت في المعرض

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

أثبت معرض الشارقة الدولي للكتاب في هذه الدورة وفي الدورات السابقة أن هناك قارئاً عربياً يشتري الكتب، ويجمعها، ويؤسس مكتبات منزلية للعائلة.. هذا القارئ لا يفعل ذلك من فراغ، إنه لا يأتي إلى المعرض بالحقائب لكي يتفرّج على الناس ويعود إلى بيته؛ بل هو يملأ هذه الحقائب بالكتب، ويقرأها على مدار العام.

هناك قارئ عربي حقيقي وُلدَ وكبر مع معارض الكتب وتكوّنت لديه عادة بشراء الكتب حتى لو كانت أسعارها عالية، هذه حقيقة ميدانية وليست انطباعاً نظرياً.. رأيت بل أرى كل يوم في أثناء تجوالي المعتاد في المعرض أطفالاً يتجمهرون في أجنحة الكتب وأمامها، ورأيت نساء يصطحبن أولادهن وبناتهن إلى المعرض، ورأيت رجالاً يدفعون حقائب ذات عجلات ملأى بالكتب.. كتب تراثية، وموسوعات، ومعاجم، ومجلّدات.. هذا وغيره ليس إلّا مؤشراً على قارئ، وإلاّ لماذا يكلف هؤلاء الناس أنفسهم عناء الوقت وصرف المال؟

..هل من أجل قضاء الوقت؟؟.. لا، بل هناك قارئ وقارئة من مختلف الأعمار يأتيان إلى المعرض في سياق اجتماعي منتظم يؤشر إلى عادة تكوّنت بتكرار صورة الكتاب أمام قارئ وجد في هذه المادة المعرفية إشباعاً لحاجاته الروحية والوجدانية والفكرية.

نعم، وبالفم الملآن، العربي يقرأ بلغته الأم الفصحى، ويقرأ بلغات العالم، والعربي وإن كان يقرأ كتباً أقل من الغربي والأوروبي عموماً، لكنه قارئ نوعي، يعرف كيف ولماذا يختار الكتب، والعربي قارئ (مُقارن) إن جازت العبارة، نظراً لأنه يقرأ بأكثر من لغة غير لغته الأم، في حين لا يقرأنا نحن العرب أوروبيون وأفارقة وآسيويون بلغتنا نحن إلّا في حدود ضيقة.

القارئ العربي، بهذا المعنى، يقرأ أكثر من مقابله الأجنبي، لأنه يقرأ بلغته الأم، ويقرأ بلغة الأجنبي..

رأيت كتّاباً وأدباء وإعلاميين عرباً يناقشون بالإنجليزية، والفرنسية والألمانية والإسبانية ضيوفاً على المعرض من قلب لغاتهم، في حين كان بعض هؤلاء الضيوف لا يعرفون العربية.

رأيت، وسمعت في المعرض، رأيت عرباً يحملون كتباً بالإنجليزية، والفرنسية، وسمعت عرباً يناقشون قرّاء بالإنجليزية والفرنسية حول شكسبير، ورامبو، وثيرفانتس، ودانتي، وبورخيس، ولوركا، وتولستوي. وطاغور..

رأيت وسمعت في المعرض عرباً قُرّاء باللغات الشرقية والغربية والمتوسطية أكثر فصاحة من أهل هذه اللغات (الشقيقة أو الصديقة).. ورأيتهم وسمعتهم أيضاً هؤلاء القرّاء العرب يفتخرون بتاج اللغات جميعها.. (العربية).. لغة آدم..

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/43wsvk5y

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"