عادي
التكنولوجيا الحديثة غيرت المفاهيم

كتّاب يعيدون تعريف الغربة والمهجر

18:33 مساء
قراءة 3 دقائق
المشاركون في الجلسة

الشارقة: «الخليج»

اتفق عدد من الكُتّاب على ضرورة وضع مفاهيم جديدة تحدد سمات الكُتّاب البعيدين عن أوطانهم، موضحين أن مصطلحات مثل الشتات أو المنفى لم تعد معبرة كما كان في السابق، نظراً لتغيّر الكثير من الظروف أبرزها الثورة الرقمية التي نعيشها، وظهور مجتمعات الجاليات العربية في الغرب.

جاء ذلك خلال جلسة بعنوان «الكتابة بعيداً عن الأوطان»، أقيمت ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب واستضافت كلاً من: الأديب العماني د.هلال الحجري، والروائية السورية سمر يزبك، والروائية العراقية بتول الخضيري، واليمني د. همدان دماج، وأدارتها الشاعرة الإماراتية شيخة المطيري.

وقال الشاعر والباحث الدكتور هلال الحجري: «إن الدراسات العربية ربما تفضّل استخدام كلمة «المهجر»، والتي يسميها البعض كتابات المنفى، ففي العصر الحالي هناك مساق معين ندرّسه لطلابنا نسميه «أدب المهجر» ويتناول هجرة الكُتّاب العرب في مطلع القرن العشرين إلى الأمريكتين، وتشكَّل عنها أدب له سماته وخصائصه، لكن المؤرخين للأدب قالوا إنها ظاهرة تاريخية توقفت».

وذكر الحجري، أن ويليام سافرون أستاذ العلوم السياسية في جامعة كلورادو رسم مجموعة من الملامح المميزة لأدب الشتات، منها أنها تتسم بتشتت شعب أو أسلافه عن مركزهم الأصلي، وهناك ما يتسم بذاكرة ترتبط بأسطورة عن هذا الوطن، وكذلك الإحساس بعدم القبول أو الاغتراب في المجتمع المُضيف.

وأشار إلى أن من بين الملامح، الاحتفاظ بذاكرة جمعية بأن الوطن الحقيقي هو وطن الأجداد، وأن العودة له حتمية في أي وقت، فضلاً عن سمة أخرى تتعلق بتعريف واع للعرق ناتج عن الإحساس بهذا الوطن.

بدورها، أكدت سمر يزبك، أن كل المفاهيم التي كنا نتحدث عنها مسبقاً حول الهجرة أو الشتات أو أدب المنفى تمر بمرحلة تغيير كبير؛ وقالت: «لم نعد نتحدث عن المنفى كما في السابق بعد الثورة الرقمية، وبالنسبة لي كعربية سورية الحديث عن الأوطان لكُتّاب مثلنا لا يحتم أي مقاربة من أي نوع للشعرية والغنائية والحنين كما الغالب لشعراء المهجر في الماضي».

وقالت سمر يزبك: «نحن الآن بلاد حروب في منطقة ممزقة، لدينا أدوات جديدة للتعبير والتغيير والعلاقة مع الوطن؛ فقبل ذلك كانت هناك مشاعر للعلاقة مع الوطن من الحنين أو البكائية على الفقد، لكن الآن نحن متصلون بشكل أكثر بما يحدث في المكان الذي خرجنا منه، فلا أستطيع أن أقول إنني منفية أو أعيش في الشتات، لكن أقول دائماً نحن مازلنا في بلادنا وأوطاننا».

وأضافت: «حتى المفهوم الجغرافي في فلسفة المكان تغير، فلم تخرج نصوص في السنوات العشر الأخيرة ذات شعرية غنائية تتحدث عن المنفى كما في السابق، ومن ثم نحن الآن في انتظار ولادة إنسانية جديدة بما فيها علاقتنا بالأدب والأوطان وتعريف مفاهيم أخلاقية وكذلك علاقتنا النفسية بمفهوم الكلمة وتأثيرها».

*ثورة الاتصالات

من جانبه، أكد همدان دماج، «أننا بحاجة اليوم إلى إعادة شرح مفاهيم الغربة والبعد عن الوطن»، قائلاً: «إن الجيل الحالي من الكتاب الذين يعيشون خارج أوطانهم الأصلية في الوطن المضيف، لا يستطيعون أن يقارنوا بالأجيال السابقة من الكتاب أو المبدعين الذين هاجروا في فترات سابقة».

وأوضح بأنه يوجد عاملان يعكسان هذه المقارنة، أولها أن الذين غادروا سابقاً كانوا قلة يشعرون بالعزلة، لكن اليوم نعلم وجود جاليات عربية في أوروبا، ومن ثم فإن الشعور بالحنين للوطن يخف لأن هناك مجتمعات محلية تتكون. أما العامل الثاني فهو ثورة الاتصالات والتواصل الاجتماعي التي نعيشها، والتي جعلت البعيد قريباً والقريب بعيداً.

وأشار همدان دماج إلى أن التعريفات الكلاسيكية لمفهوم البعد والحنين والاغتراب بحاجة إلى إعادة تقييم لأن الظرف الذي نعيشه مختلف، فالاغتراب لم يعد هو الاغتراب بالمعنى الكلاسيكي.

بدورها، أوضحت الكاتبة العراقية بتول الخضيري، أن علاقتها باللغة العربية استغرقت وقتاً طويلاً لحين الوصول إلى الكتابة، بسبب ضعف اللغة لديها في طفولتها، لأن أمها اسكتلندية، تتحدث الانجليزية فقط، لافتة إلى أن والدها كان له دور مؤثر في تعلمها العربية عبر الشعر العربي.

وتابعت: «أصعب شيء عشته أبرزته في روايتي الأولى أثناء حرب الخليج الأولى عام 90، وحينها شعرت بأن نصفي الغربي يقصف نصفي الشرقي، فأصررت على كتابة رواية تعبر عن تلك المشاعر»، مضيفة: «كنت بالداخل بنتاً غريبة، وبالخارج بنتاً عربية فلم أتخلص بسهولة من تلك الازدواجية، لكني اكتشفت أخيرًا أن الوطن ليس مكانًا أذهب إليه لكنه شعور أصطحبه معي أينما أذهب».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3ufdjpvk

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"