تنافر استراتيجي صيني - أمريكي

00:33 صباحا
قراءة دقيقتين

مفتاح شعيب

تحاول الأوساط الدبلوماسية والإعلامية أن تحمّل اللقاء المزمع بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ أكثر مما يحتمل، وكأن البلدين اللذين تدور بينهما حرب باردة، غير معلنة، سيوقعان اتفاق تحالف أو مصالحة، تصفي كل المشكلات القائمة بينهما والمستمرة إلى مدى أبعد من المنظور.

الولايات المتحدة والصين تسيران في خطين متوازيين، كل في مساره يعمل على مشروعه، ولا يلتقيان إلا لماماً عندما تقتضي الحال إجراء بعض الاتصالات، لرفع بعض العقبات. فمنذ زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون إلى الصين قبل اثنين وخمسين عاماً، ظلت العلاقة بين واشنطن وبكين محكومة بالتنافر الاستراتيجي، وهي اليوم في أدنى نقطة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية. ولا حاجة إلى التذكير بالخلافات بين البلدين حول القضايا التجارية، ومبادرة الحزام والطريق، والملكية الفكرية، والأمن في بحر الصين الجنوبي، ومصير تايوان، والموقف من الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والحرب الإسرائيلية على غزة، ووضع كوريا الشمالية وحتى منشأ كوفيد19. فهذه القضايا محل خلافات عميقة تجد الولايات المتحدة والصين نفسيهما إزاءها على طرفي نقيض؛ بل إن كليهما يسعى إلى فرض تصوره، ويقيم على أساسه تحالفاته وخطوط دفاعه وهجومه. وبناء على هذه القاعدة المتينة من التناقض الحاد، لا يمكن أن تحمل القمة بين بايدن وشي حلولاً سحرية لكل هذا الإرث من الخلافات.

ما يجعل من نتائج قمة بايدن وشي محدودة وغير جوهرية أن الشرخ بين البلدين يتسع من يوم إلى آخر. وهناك قناعة لدى الطرفين أن استمرار هذا النهج طويلاً لا يخدم مصالحهما، ولا يدعم الاستقرار العالمي؛ لذلك فإن الجلوس على طاولة المفاوضات هو مصير أي صراع بين طرفين، وهو السبيل الأنجع لحل المشاكل العالقة، ووضع تصورات لاستمرار التعايش على الرغم من الخلافات. وبالنسبة إلى واشنطن وبكين فإن لقاء قادتهما يعد نهجاً سليماً إذا توفرت له شروط النجاح. وإذا لم يتفاوضا اليوم، فسيأتي اليوم الذي يجلسان فيه على مائدة مستطيلة وإلى جانب كل منهما الفاعلون الدوليون الآخرون مثل روسيا والاتحاد الأوروبي.

انتهاج المفاوضات لا يحقق أي اختراق في بعض القضايا، لكنه بين الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين يستطيع أن يبني العالم المتعدد الأقطاب المأمول. ومهما تمنع هذا الطرف أو تمرد ذاك، سيتحقق هذا الأمر حتى يستقيم النظام الدولي، ويتحقق شيء من العدالة للكثير من الأمم المضطهدة، ويغيب الحيف الاقتصادي، وتتراجع حدة النزعات الشوفينية التي تطل برأسها من الشرق والغرب بألوان وعناوين مختلفة وإن تمسحت ببعض المبادئ والقيم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3uc7rafn

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"