بدايات الأسئلة

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

ربما تكون الهدنة المأمول أن تثبت لأربعة أيام، وفق الاتفاق بين «حماس» وإسرائيل، أول مناسبة تتيح قدراً من «الهدوء» الذي يسمح استمراره بتداعي أسئلة ملحة، لكنها مؤجلة منذ بدأت هذه النسخة من الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

الأسئلة التي تأجلت شائعة في الشارع العربي منذ بدأت الصور المفزعة تتوالى من القطاع رداً على «طوفان الأقصى»، عملية «حماس» التي أشعلت الحرب فأكلت من أكلت من أبناء غزة وممتلكاتهم، ومن استقرار المنطقة الموعودة بعدم الاستقرار واللا يقين بعد كل مؤشرات على بدايات مرحلة جديدة فيها.

لسنا في وارد طرح هذه الأسئلة الآن، فالأيام الأربعة للهدنة، إن مرت بسلام وبلا خروقات، لا تعني بالضرورة نهاية الحرب التي لم يقل طرفاها حتى الآن إنهما سيضعان السلاح عما قريب.

«ماذا استفدنا، كعرب، وتحديداً الفلسطينيين، من الحرب؟»، «هل كان بوسع بادئها تجنيبنا ما دفعنا من ثمن بشري، وهو الأهم طبعاً، ومادي حتى الآن؟»، هل يمكن أن تشتري حياة ستة آلاف، أو ثمانية في تقدير آخر، من الأسرى بموت خمسة عشر ألفاً من الأحياء الأحرار، وفقدان آلاف غيرهم، وتدمير البنى التحتية كاملة، على الأقل في شمال غزة، وتضاؤل فرص عودة الفارين منه إليه؟، هل كانت الشرارة الأولى للحرب بإيعاز من طرف إقليمي تنصل من وعد بالاشتراك فيها ثم تفرغ لقبض ثمن ألاّ يفعل؟.

هذه عينة من الأسئلة التي أطلت برأسها مع الأيام الأولى للحرب، وبخلاف أن من يطرحها، رغم وجاهتها، متهم من بعض الأطراف بخيانة القضية، فإن الإجابات المتداولة عليها تعكس انقساماً عربياً. والانقسام المعني ميدانه الشارع وفضاءات التواصل الاجتماعي، وليس المواقف السياسية الرسمية التي تنشغل حتى الآن بمداواة الجراح الفلسطينية النازفة، والتصدي لما أشيع عن مخططات أبعد مدى.

والأوجب أن تبقى هذه الأسئلة مؤجلة؛ فهناك ما هو أولى منها الآن، لكنها ستجد يوماً الوقت المناسب لتجددها، لا من باب العداء مع فصيل بعينه، وإنما لاستخلاص ما يخدم القضية ويبقيها حية في الضمير الإنساني استناداً إلى عمل فلسطيني مشترك تحت راية وطنية واحدة.

الأكثر إلحاحاً الآن هو السؤال عن مصير الهدنة، ولعل ما يتعلق بها يكون بدايات الأسئلة. وليس في هذه الأسئلة ما يستدعي الحرج، فكلها تتمحور حول مآلات الهدنة، وما إذا كانت فرصة لطرفي الحرب لمراجعة موقفيهما منها، ومناسبة للأطراف الفاعلة لتجنيب الفلسطينيين مزيداً من الخسائر البشرية، فذلك أجدى من خشية مواجهة الأسئلة المؤجلة فيما بعد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4xhevkx3

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"