تخاريف «روحي فيك»

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

مارلين سلوم

تخاريف، تلك الكلمة التي كان أهل زمان يستخدمونها للتعبير عن حكايات يسمعونها أو يشاهدونها ولا يجدون فيها ما يحاكي المنطق الذي يعرفونه واعتادوا عليه ويقتنعون به، خصوصاً أن الدراما العربية كانت تبتعد كثيراً عن تلك «التخاريف»، وترتبط أكثر بالقصص الاجتماعية الواضحة المعالم، التي يكون فيها الخيّر ظاهر بشكل واضح جداً والشرير أيضاً، ونادراً ما كانت الألغاز تتخطى حدود أسرار يخفيها جانب عن الآخر، وجريمة قتل علينا اكتشاف من ارتكبها وكيف ولماذا؟.. أما السينما فسبقت الدراما بخطوات واختارت من قصص الرعب وقصص الدجل والشعوذة و«التخاريف» ما تعالج به قضايا معينة وتعرضه على الجمهور في الصالات.

لغة الدراما تغيرت وأصبحت أكثر جرأة وبحثاً عن كل ما هو غير مألوف وقابل للعرض على الشاشة، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن كل ما هو مختلف بالشكل والمضمون يكون جيداً ومقنعاً ومحبوباً؛ ودرجت في السنوات الأخيرة أن تقدم الدراما المصرية قصصاً من الخيال عن «العالم الآخر» والجنيات وما بعد الموت والشعوذات.. لكننا لم نتوقع أن تخرج سلسلة «٥٥ مشكلة حب» عن إطار الدراما الرومانسية الاجتماعية الذي انطلقت منه واستمتعنا بثلاثة أجزاء توالت فيها القصص التي ألفها عمرو محمود ياسين وتولى كتابتها فريق من ورشة الكتابة تحت إشرافه، وهي مستوحاة من رسائل القراء التي أوردها الدكتور مصطفى محمود في كتابه «٥٥ مشكلة حب»؛ لم نتوقع أن يجنح الجزء الرابع والأخير «روحي فيك» نحو التخاريف، ونمشي معه ٩ حلقات دون أن نفهم ما الذي يحصل وكيف ولماذا؟ ليترك التوضيح للحلقة العاشرة والأخيرة التي بقيت بلا نهاية محسومة، رمزاً إلى أن تلك القصص المتعلقة بالروح والإيمان والانجراف نحو الشعوذات والاستسلام لها مستمرة إلى ما لا نهاية وقد يقع فيها الإنسان في أي وقت إذا لم يتسلح بالإيمان الحقيقي والعميق.

«روحي فيك» قصة وسيناريو وحوار أحمد عثمان وإخراج الأردني محمد لطفي، جمعت عدداً من النجوم: عائشة بن أحمد، نور محمود، فراس سعيد، محمد كيلاني، سمر مرسي، محمد عبد العظيم، ألفت إمام والأردني منذر رياحنة.. لا تحفّظ على الأداء أو الإخراج، لكن المؤلف لم يرسم خيوطاً تربط المشاهدين بحقائق ووقائع يمكن الاستناد إليها كي يسهل فهم الحالة التي تمر بها البطلة سحر، وما علاقتها بالمزرعة، وما حصل من قبل وما يحصل الآن..

مشينا معه حتى منتصف العمل دون أن نستطيع جمع المعلومات وربطها لنحاول فك اللغز، الشخصيات تتوالى، تتحدث، بعضها غريب الأطوار، بعضها معقّد، وهي حالات طبيعية كي تكتمل أجواء الرعب والتشويق، لكن هناك حلقة وصل بقيت مفقودة طوال الوقت، حلقة تسهل على الجمهور ربط الشخصيات ببعضها البعض وبماضيها، تأخر تقديم السير الذاتية للشخصيات وكأن المسلسل ممتد إلى ثلاثين حلقة أو أكثر، ففقدنا متعة المتابعة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3btz3mu8

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"