سياق أزمة الكوريتين

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

يتباهى زعيم كوريا الشمالية كيم جون أون بقمره الصناعي للتجسس، وما التقطه من صور للبيت الأبيض والبنتاغون ومواقع عسكرية أمريكية عدة، في خطوة عدّتها واشنطن وحليفاتها، تصعيدية وخطرة، لكنها في السياق الإقليمي والعالمي، كانت متوقعة، وتستكمل ما سبقها من توترات بين الكوريتين على مدار الأشهر الماضية.

من الواضح أن العلاقة بين بيونغ يانغ وسيؤول باتت على صفيح ساخن، وتدريجياً بدأت تعلو نبرة التأهب للمواجهة، بعد سلسلة من المحطات التصعيدية، تمثلت في توالي التجارب الصاروخية لكوريا الشمالية، وحديثها المستمر عن صراع واسع النطاق، وتقديم نفسها على أنها دولة نووية وذراعها طويلة. أما إطلاق قمر التجسس العسكري المسمى «ماليجيونغ-1»، فقد كان الخطوة الأكثر استفزازاً، في ظل اتهامات أمريكية وكورية جنوبية ويابانية لبيونغ يانغ بأنها لم يكن بوسعها أن تحقق هذا الإنجاز لولا مساعدة روسيا التقنية، لا سيما أن هذا الإطلاق جاء بعد زيادة التعاون بين البلدين، بعد قمة كيم وفلاديمير بوتين في سبتمبر الماضي.

فهم أي أزمة لا يمكن أن يتم بالتسليم بوجهة نظر واحدة وإغفال الأخرى. والوضع في جنوب شرقي آسيا لا يختلف عن أي منطقة أخرى، بيد أنه الأهم في خريطة الصراعات الدولية القائمة منذ فترة، وأقطابها الولايات المتحدة وروسيا والصين، وبعض اللاعبين ممن يصطفون مع هذا الجانب أو ذاك. ووفق هذا المنطق والاصطفاف، سيحتدم التنافس، ويشتد دون أن يبلغ درجة الغليان، وفقاً لما تقتضيه إدارة هذا الصراع ونواميسه، كما يجري في أوكرانيا، والحرب الإسرائيلية على غزة، وكلها حلقات يكمل بعضها بعضاً حتى وإن تعمد البعض عدم الرؤية والاقتناع.

الجامع بين كل هذه الحلقات أن نفس الأطراف تتواجه بتفاوت في كل حلقة منها. وقد يكون ما يمكن أن يندلع في شبه الجزيرة الكورية ومنطقة شرقي آسيا، أخطرها على الإطلاق، فهناك سيكون الحسم على الأرجح. والمثير للانتباه أن هذا التصعيد الذي تنتهجه بيونغ يانغ، جاء بعد أيام قليلة من قمة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ في كاليفورنيا، ولم تخرج بما كان يتمناه كل طرف؛ بل إن ما تبعها من تعليقات متبادلة يوحي بأن الطريق بات غير خالٍ من المفاجآت. ولعل العبرة الوحيدة من كل هذه الأزمات المتلاحقة، أن المقاربات القديمة والمعايير المزدوجة المعتمدة، بدأت تهب عليها رياح التغيير، وينقلب عليها تراث ثقيل من نظرة أحادية ظنت أنها امتلكت العالم وأنهت التاريخ.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/b2dzyyf7

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"