مفارقات العلاقة بالثقافة الغربية

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تسمح، عزيزي المثقف العربي، بثرثرة على ضفاف الحضارة الغربية؟ أليست هي التي أنجبت الثقافة التي يحملها عشرات الملايين من المثقفين في العالم، على هيئة بطيختين تحت الإبطين، مختالين طواويس وديكة روميّة؟ يقيناً، هي ثقافة لا عيب فيها، سوى أنها لو كان فيها خيرٌ وقيم وفضائل، لكانت انعكست على تاريخ علاقات الغرب بدول العالم. يقول المثل عن المرأة: «لو كان عندها زيت، كان بان على قُصّتها».
معك حق إذا «أقامك الفكر بين العجز والتعبِ»، فالمعادلات لا تُحلّ حتى بدماغ دُمجت فيه أدمغةُ عباقرة الرياضيات في الكوكب كله. الموسيقى السيمفونية شيء رائع، حتى الأبقار والخرفان، أي «الحيوانات غير البشرية»، استمتعت وجنى أصحابها مزيداً من الأصواف والحليب. المؤسسات الثقافية العربية أدرى بمدى مغانم العرب من الكلاسيكيات. 
هل يساوي ما أخذه العرب من الثقافتين الإنجليزيّة والفرنسية، ما مجموعه قرون من الاستعمار في المشرق والمغرب العربيين؟ هل تستحق الفرانكوفونية الفيتنامية، عشرين سنة من الإتيان على الأخضر واليابس بشراً وشجراً وحجراً في فيتنام على يد الإمبراطورية؟ المكافأة طريفة: مصانع أحذية رياضية. دول أوروبا باعت بالونات ملوّنة من وعود نشر الحرية والديمقراطية والتنمية لبلدان القارّة السمراء، وأكلتْها حتى رأسُها، حتى رأسَها، حتى رأسِها، تركتها جلوداً على عظام. الغرب ارتكب على ما يبدو «غلطة الشاطر»، لم يعمل بوصفة بونابرت: «لا توقظوا التنين، فإنه إذا استيقظ زلزل العالم». لكن دويّ صحوة التنين، أطار الكرى من جفون نيام كثيرين في الأرض من كل جنس. العالم العربي ليس بمعزل، هو الآخر صدح: «يا ربّ هبّت شعوب من منيّتها.. واستيقظت أممٌ من رقدة العدمِ».
قسمةٌ ضيزى، أن يشتري العرب ثقافة الغرب بالنار والدمار، فيدفع العراق وحده مليوني روح آدمية، منها خمسمئة ألف طفل، وتحطيم عشرات ألوف التحف العائدة إلى آلاف السنين. الآثار السورية الخالدة نسبوا تدميرها في تدمر (نحس الجناس: تُدمّر) إلى «داعش». بسيطة: عليهم اعتقال السيدة هيلاري، فهي التي اعترفت بأن دولتها هي التي صنعت «القاعدة» و«داعش»، فكيف يكذّبها العالم، والحضارة الغربية لها موسوعة أكاذيب، في بلاد العرب بالذات؟
لزوم ما يلزم: النتيجة الأنوائيّة: على الثقافة الحيّة أن ترصد رياح الوعي العالمي، لأن إغلاق الغرب النوافذ لا يعني تغيير الأجواء.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/42cpkjd9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"