عادي

أعمال المهرجان.. دعوة إلى تأمل الجمال الكامن في داخلنا

23:17 مساء
قراءة 3 دقائق
افتتاح مهرجان الشارقة للفنون الإسلامية تصوير: (( هيثم الخاتم ))

الشارقة: عثمان حسن
جسدت الأعمال المشاركة في مهرجان الفنون الإسلامية في دورته ال 25، شعار المهرجان لهذه الدورة الذي جاء تحت عنوان «تجليات» بما يحمله هذا المفهوم من دلالات جمالية وفكرية عميقة، وقد أبدعت الأعمال المشاركة في المعرض في تقديم رؤى وطروحات تستفيد من هذا المفهوم، انطلاقاً من أصالة الفنون الإسلامية التي تنبع من مخيلة واسعة تستحضر الغائب والبعيد بوعي عميق لكل ما هو إنساني ونوراني.

توزعت الأعمال المشاركة في مهرجان الفنون الإسلامية بين المفاهيم والمدارس الفنية المختلفة، جمعت بين الفن الكلاسيكي أو التقليدي، فحضرت اللوحات المسندية جنباً إلى جنب مع الفنون الحداثية والمعاصرة التي تضمنت بدورها تجارب عديدة، بين التصاميم والتراكيب والمجسمات والمنحوتات المختلفة المعروضة في متحف الشارقة للفنون، وغيره من الأمكنة، وكان لذلك دوره في إبداع رؤى جمالية وبصرية غاية في الدهشة، من حيث الشكل والمضمون، هذا المضمون الذي يستشرف القيم الجمالية والفكرية في مختلف توجهات وثقافات العالم المعاصر، ما أكد على أصالة الفنون الإسلامية في تتبعها لذلك الأثر الملموس لهذا الفن الخالد الذي شكل جسراً ثقافياً ينطلق من عقيدة التوحيد، ومن خلال مقاربات تجريدية ابتعدت عن كل ما هو حسي وزائل، نحو مرتبة أعلى تتجلى فيها صنعة الفن الذي مزج بين جمال الزخارف ورونقها، إلى تلك الأعمال البصرية والإيقاعية التي تستشف وحدة الفنون الإسلامية وتميزها وثراءها، وذلك من خلال تشكيلات واسعة لفنانين من مختلف دول العالم، بحيث اختبرت هذه الأعمال قدرة هؤلاء الفنانين في استشراف «تجليات» الفن الإسلامي، الذي شكل ركناً محورياً في المهرجان الذي يسعى ليكون حلقة مركزية في كافة التوجهات الثقافية والفكرية التي تلتقي جميعها على شعار المهرجان.

إشراقات
في عملها الذي جاء بعنوان «سحابة روح» تبدع الفنانة الكندية شياو جينغ يان في تصميم خلية سحابية مصنوعة من أكثر من 33000 لؤلؤة من لآلئ المياه العذبة المعلقة في الفضاء بواسطة آلاف الخيوط الشفافة، شكلت هذه الخلية السحابية التي جاءت بتقنية ثلاثية الأبعاد صورة من نقاط مضيئة في الفضاء، وتعد هذه السحابة تمثيلاً مرئياً لنقاء ووضوح الفكر والمقصد لحدوث تجليات حقيقية، حيث ترمز اللآلئ إلى النقاء والحكمة النورانية.

يثير العمل إحساساً بالتصوف والقدسية ما يسمح للمشاهدين بتجربة العواطف والأحاسيس المرتبطة بفن النحت، كما توحي السحابة المصممة من اللؤلؤ بوجود هالة صوفية تدعو المشاهدين إلى التأمل في المعاني والدلالات الروحية الأعمق المرتبطة بشعار «تجليات».

بدوره يقدم الفنان الإيراني سهيل راد عملاً بعنوان «الجوهر» وهو بمثابة محاكاة لجوهر وجودنا، يأخذ هذا العمل موضع الوقوف للصلاة على سجادة، متيحاً للمتلقي إمكانية الشعور بالحرية والتوازن الحقيقيين، ذلك أن خوض هذه الرحلة الغامرة قد يفضي إلى اكتناه معنى الحرية، ومن ثم يدفع إلى التواصل مع الكون.

تدعو السجادة الحضور إلى الاستماع إلى صوتهم الداخلي، والانغماس في الحقيقة دون مقاومة، حيث يساعدهم تأمل السجادة واستكشاف تفاصيلها على الاتصال بجوهرهم ليشهدوا على انفتاح الطاقات الظاهرة في هذا العمل، والذي يمكن أن يقودهم إلى ما هو أعظم من المادة بحثاً عن القوة العليا في رقصة صوفية ملونة بألوان مبهرة تبدأ من الأحمر عند الجذر وصولاً إلى الأرجواني عند التاج.

قوة الواحد
أما عمل «قوة الواحد» للأمريكيين جين تشوي وتوماس شاين، فيدعو المشاهد للدخول في تجربة استثنائية لاستكشاف الجوهر النقي للإنسان، والبحث المستمر عن صورة واضحة، كما يصبح الجمهور بمجرد تأمل العمل والغوص في تفاصيله جزءاً أصيلاً منه.

صمم هذا العمل، لإدراك قدرة الفرد على التغيير، وهذا جانب مهم، بالنسبة للفنانين تشوي وشاين، حيث يتكون هذا العمل من أشكال «دانتيل» هندسية بسيطة منفصلة، ومعلقة فوق الماء الداكن، وبالرغم من المشاركة الحيوية في هذه العملية الديناميكية، فإن لحظة التوقف «فقط» هي التي ستهدئ الماء، وتقدم انعكاساً مثالياً للمشاهد، ورؤية واضحة وحقيقية ونهائية.. إن الفتحات الموجودة في سطح العمل تخلق أنماطاً من الضوء مقابل الظلام، والعمل بالمجمل يقود إلى رحلة تأملية من أجل الوضوح وتجلي الحقيقة، أما أغشية الدانتيل المسامية النوافذ فتساعدنا على اكتشاف الجمال بداخلنا ومن حولنا.

وتقدم الفنانة السعودية مريم طارق عملاً بعنوان «الوعي الجمعي» والعمل ترتكز فكرته على خلايا النحل التي تشكل دليلاً على النمو الذي قد يحدث عندما تلتف الكائنات ذات التفكير المماثل حول هدف مشترك، ويشير مصطلح الوعي الجمعي إلى الذكاء الجمعي، وتؤكد الفنانة مريم أن هذا الوعي يظهر بشكل واضح في مستعمرات الحشرات الاجتماعية، مثل النمل والنحل، كما تشير إلى أنه لم يسبق للجنس البشري أن تبنى بشكل وثيق سلوك الخلية، مثلما فعل خلال هذا العصر الرقمي، لا سيما مع تعاظم البيانات وتقدمها، حيث يمكن للأشخاص نقل المعرفة حول العالم بسرعة الضوء نتيجة لوجود الإنترنت.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/32a43nac

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"