دور أممي ضعيف

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

مع انتشار الصراعات العالمية، وما ينتج عنها من مجازر يندى لها جبين الإنسانية، اتجهت الأنظار إلى دور الأمم المتحدة، بعدما أظهرت مدى ضعفها في ظل إخفاقها في وضع حد لحمّام الدماء لأكثر القضايا إلحاحاً، كما هو حاصل في غزة، التي أصبحت المجازر فيها يومية، ويتم تناولها لكثرتها، كأخبار عادية، فضلاً عن ضحاياها الذين هم بعشرات الآلاف، بين جريح وقتيل، أو في السودان؛ إذ القتل فيه بات على الهوية، ولا يُفرق في أحيان كثيرة بين مدني ومقاتل، إضافة إلى الحرب في أوكرانيا، وغيرها الكثير.

الأمم المتحدة، ومجلس أمنها، وفروعها المختلفة، أضحت منبراً للتنديد والقلق، من دون فاعلية على الأرض، جرّاء ارتهان المنظمة لهيمنة دول كبرى ترتع فيها كما تشاء، في ظل نفوذ القوة المالية، والسطوة العسكرية، وسياط «الفيتو» الذي تستخدمه كيفما شاءت، لمن أرادت من حلفائها، وهو ما فعلته الولايات المتحدة، برفضها وقف نزيف غزة من خلال استخدامها «الفيتو»، كأنها تعطي الضوء الأخضر لمزيد من المجازر، كما أن التأثير الأممي لحل معضلة السودان يكاد يكون معدوماً، ويبدو أن وظيفتها أصبحت «مسجلة بيانات»، أو «أرشيفاً»، تقتصر على توثيق التجاوزات، أو حالات الهجرة والجوع، مع تحرك محدود في توزيع المساعدات، في حين أن مهمتها الأبرز هي وقف السبب، أي وقف الاقتتال الداخلي.

على مر السنوات السابقة كانت ثمة دعوات لإصلاح هذه المنظمة، وتقوية أدائها، وتحريرها من الهيمنة والنفوذ، وزيادة فاعلية الدول المختلفة فيها، والتنويع في مجلس أمنها، لكن جميع هذه الجهود قوبلت بالرفض، أو التجاهل؛ بحيث كانت في كثير من الأحيان مكبلة لا تملك من أمرها شيئاً؛ لذا فإن الصراعات العالمية بدأت تتفشى أكثر من أي وقت مضى، يسقط فيها الآلاف من دون تحرك، ما يعيد إلى الواجهة سؤالاً حول الهدف الذي أُنشئت لأجله. فبعد الحرب العالمية الثانية كان هدفها الأبرز منع الحروب، وتحقيق السلم الدولي، لكن الآن لا الصرعات منتهية، ولا السلم تحقق، إضافة إلى عجزها، أحياناً كثيرة، عن معالجة آثار الصراعات، كتوزيع المساعدات؛ إذ شكت مراراً من قلة التمويل، أو فرض قرارات حول التغير المناخي، وغير ذلك الكثير.

لا بد لدول العالم المنضوية في المنظمة الأممية، من رفع صوتها عالياً، والدعوة بقوة لإعادة تفعيلها، وفرض أمر واقع جديد، ومنع استخدامها أداة طيّعة في أيدي البعض لاستخدامها كيفما شاؤوا، وإلا فإن وجودها سيكون عبئاً أكثر منه إضافة على صعيد السلم العالمي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4wve3dw9

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"