في تجارب تبسيط القواعد

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

ما الذي يجعل علماء اللغة يؤجّلون تبسيط قواعد العربية؟ لهذا لا ينفك الإعلاميون يعزفون على هذه الدرجة الحساسة. كان حريّاً باثنين وعشرين بلداً عربيّاً أن تختبر نجاعة عشرات التجارب في غربلة النحو والصرف وتصفيتهما من الزوائد، فلا يُستبقى منهما إلاّ «الضروريّ من صناعة النحو»، هذه العبارة الرائعة التي اختارها عملاق الفلسفة والفقه، ابن رشد، لأحد كتبه التي لم تحرك ساكناً لدى النحاة، الذين هم أنفسهم يسخرون من أنفسهم بمقولات شتى نثراً وشعراً، يقولون: «النحو صنعتنا واللحن عادتنا»، ويقولون: «ترنو بطرْفٍ ساحرٍ فاترٍ.. أضعف من حجّة نحويّ».

يبدو أن مسؤولية تبسيط القواعد غير محددة، فليس واضحاً في الأذهان على من تقع بالضبط، أعَلى مجامع اللغة العربية؟ أم على واضعي المناهج في وزارات التربية؟ كلٌّ يتهيّب حمل هذه الأمانة. يجب أن نضع في الحسبان أن لغتنا تزداد تردّياً جرّاء المسافة المتزايدة في بعد كل نشء جديد، من جبال النحو والصرف. خذها بغير دعابة أو جزاف، إن ما يهمّنا اليوم من النحو العربي، لا يتجاوز 30% من مجموع القواعد. كتاب نفيس في مستوى «مُغْني اللبيب عن كتب الأعاريب» لابن هشام الأنصاري، وهو قرابة تسعمئة صفحة، لو اختصرناه مقتصرين على ما يحتاج إليه العربي في القرن الحادي والعشرين، لتقلص العدد إلى مئتين أو ثلاثمئة.

حتى المثقفون العارفون بالعربية يخفضون أصواتهم ويمشون تحت الجدار حين يظهر لهم كتاب مثل «معاني النحو» بأجزائه الأربعة للعلاّمة الدكتور فاضل السامرائي، فلا عجب من أن ترتعد فرائص واضع المناهج إذا سوّلت له نفسه التفكير في الاجتهاد التبسيطي، وإن كان لا يحق له، لأن الأمر من صلاحيّات علماء اللغة. هذا الكتاب موسوعي يتجاوز النحو لكونه يتداخل إلى حدّ التماهي مع البلاغة. وهذا ما يجب عدم الانجراف إليه في الكتب المدرسية، التي لا تزال عالقة في المنهجيّات القديمة. علينا استثناء كل ما هو مباحث بلاغية ألبست لباس القواعد. التطبيقات البلاغية ليست في الحقيقة مشتقات للقواعد أو فروعاً لها، فهي تصنّف في الفنون الإنشائية، وإلاّ صار الإبداع الأدبي في النثر والشعر مصادر للنحو، فتغدو القواعد مفتوحة على اللانهاية.

لزوم ما يلزم: النتيجة البرهانية: يحتاج الموضوع إلى استدلالات للبيان والتبيين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/462h7wbw

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"