إدمان مواقع التواصل عثرة

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

لا يمكن للعين أن تخطئ أثر شبكة الإنترنت، ولا ما أحدثته في البشرية جمعاء من تطور وقفزات كبيرة. ومن أهم مجالاتها مواقع التواصل الاجتماعي التي تعد من أهم الابتكارات التكنولوجية في العصر الحديث، وأحدثت قفزات غير مسبوقة في التاريخ البشري، من خلال التفاعل والتواصل مع مختلف أرجاء العالم. وتبعاً لهذا التطور، حدثت جوانب سلبية تتعلق بالإفراط في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، للدرجة التي ظهر معها مصطلح «إدمان مواقع التواصل الاجتماعي»، وهي الحالة التي يصل إليها الفرد ويصبح معها متعلقاً بهذه المواقع بشكل مرضي، ويصبح هاجسه التفاعل والتواصل بشكل دائم على منصات تلك المواقع الاجتماعية.

ومن دون شك، فإن هناك أسباباً تجعل من هذا الإدمان حالة من التشبث والاستمرار، بسبب التفاعل المستمر والتحديثات المستمرة، والإشعارات التي لا تكاد تتوقف. هذه الحالة الإدمانية على مواقع التواصل الاجتماعي ليست بالأمر العارض، بل هي على درجة عالية من الخطورة، بحيث تؤثر في السلامة العقلية والعاطفية، وتنامي عوارض من المرض النفسي، مثل الاكتئاب والقلق والتوتر وغيرها، ولا ننسى الخلل في الثقة بالنفس، ومشاعر قاسية من الوحدة والعزلة. ولا ننسى تدهور العلاقات الشخصية وتأثيرات بالغة في المجالات المهنية والأكاديمية.

إن شبكة الإنترنت قوية، وحضورها طاغٍ، وفوائدها للبشرية واضحة وماثلة، ولكن يجيب الوعي بأن كل مبتكر واختراع له جوانب إيجابية، وبسبب سوء الاستخدام، يمكن أن تكون هناك سلبيات تؤثر في الحياة وجودتها. وبدلاً من التطور والتقدم اللذين يضيفان لنا ويفيداننا وينميان سعادتنا، فإننا نسهم بسوء الاستخدام في تدهور حالتنا العقلية والنفسية والجسدية، وهذا هو الخطأ الذي يجب أن نحذر منه.

ويتربع الوعي على قائمة الحلول والعلاجات لهذا النوع من الإدمان، ثم التعامل الفعال مع المشكلة، من خلال علاج سلوكي معرفي من الطب النفسي، ولا ننسى الدعم الاجتماعي من المقربين، بل يمكن للتكنولوجيا نفسها أن تسهم في العلاج، حيث توجد تطبيقات تسهم في تنظيم الوقت، وتقييد وقت تصفح مواقع التواصل الاجتماعي.

ولا ننسى النصائح والتوجيهات التي تنتشر على شبكة الإنترنت، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي نفسها، والتي ترشد وتوجه نحو التخلص من إدمانها، وتبقى على الفرد نفسه مسؤولية النهوض بنفسه، لأن كل الوسائل متاحة، وما عليه إلا زيادة معارفه وثقافته في هذا المجال. وتبقى مواقع التواصل الاجتماعي غير سيئة في حد ذاتها، لكن سوء الاستخدام والإفراط، هما السيئان، وهما الخطأ، وهما اللذان يحتاجان إلى العلاج.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4mb2nyuh

عن الكاتب

مؤلفة وكاتبة وناشرة، قدمت لمكتبة الطفل عدة قصص، وفي أدب الكبار أنجزت عدة روايات وقصص قصيرة، ونصوص نثرية. حازت على عدة جوائز أدبية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"