لنُدل المطاعم إيماءاتهم

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

د. حسن مدن
تحرص بعض المطاعم والمقاهي الشهيرة على أن تُعلّق على جدرانها صوراً لمشاهير قصدوها لتناول الطعام أو احتساء القهوة. ويمكن أن يكون هؤلاء المشاهير فنانين أو أدباء أو رجال دولة وساسة وشخصيات عامة، اعتقاداً من أصحاب هذه الأماكن بأن هذه الصور توصل لبقية روّاد المطعم أو المقهى رسالة عن جودة ما يقدّمه من مأكولات ومشروبات، وكذلك حسن الخدمة فيه، ونظافته، وإلا لما كان هؤلاء المشاهير قصدوه دون سواه.

يتوقف تقرير نشره موقع «دي. دبليو»، بين أشياء أخرى كثيرة، عند الطريقة التي يتصرف بها نُدُل المطاعم حين يكون الزبون شخصية مهمة؛ حيث يرفع النادل، رجلاً كان أو امرأة، يده لزملائه ويُشكل حرف «V» بالسبابة والإصبع الوسطى، دلالة على أن هذا الضيف شخص مهم جداً (VIP)، والتلويح للمطبخ إشارة إلى وجود ضيف من كبار الشخصيات.

هذا تقرير وُضع في ألمانيا، ولا نعلم ما إذا كان هذا النوع من الإشارات متبعاً في بلدان أخرى، ولا نعلم أيضاً كيف يتصرف نُدُل المطاعم والمقاهي في بلداننا، حين يكون الضيف شخصية مهمة، ولكن المرجح أن كبير الفريق في المكان المعنيّ سيظهر كافة مظاهر الاحتفاء بالزائر المهم من ترحيب مبالغ فيه، واختيار أنسب الأماكن في المطعم ليجلس فيه هو ومن معه، أكانوا من أفراد عائلته أو أصدقائه.

طبيعي أن تكون تصرفات هؤلاء المشاهير ساعة وجودهم في تلك المطاعم محطّ ملاحظة ومتابعة العاملين، وحتى زبائن المكان الذين يصادف وجودهم هناك، والشيء نفسه يصحّ على أذواقهم في الطعام. مرة نشرت إحدى الصحف تقريراً عن أبخل المشاهير، ومن ضمنهم نجوم في «هوليوود»، حكماً من سلوكهم في المطاعم التي يقصدونها، خاصة في كمية «البقشيش» التي يدفعونها لمن خدموهم من الندُل، ومن بين هؤلاء أسماء مثل مادونا، ماري كاري، وهذه الأخيرة يقال، إنها «لم تدفع في حياتها بقشيشاً ولو سنتاً واحداً»، الممثل والمصارع دواين جونسون «ذا روك»، الرياضي الثري تايغر وودز، بريتني سبيرز، باربرا سترانسيد، جيرمي بيفن.

كاتب التقرير المشار إليه لم يكن معنيّاً فقط بالطريقة التي يتصرف بها ندُل المطاعم مع ال VIP من الشخصيات، وإنما بكامل الإيماءات أو الكلمات الخاصة المقتضبة التي يتحاور بها هؤلاء الندل من أجل تمرير معلومة معينة بطرق سرية اعتادوا عليها من أجل فهم الزبون وحاجته، فلهؤلاء، والذين يرتدون عادة زيّاً واحداً يميزهم عن بقية مَنْ في المطعم أو المقهى من زوّار، نظراتهم السرية أو إيماءات رؤوسهم أو التلويحات السريعة بأيديهم، خاصة عندما يكون المطعم ممتلئاً، فلا يكون أمامهم خيار سوى التواصل مع بعضهم بشكل غير لفظي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/3744ye3x

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"