الطاقة المستدامة.. رؤية أخرى

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

يرى البعض أن التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة والبديلة حديث أو جديد في التاريخ البشري، والحقيقة أن هاجس الطاقة وديمومتها واستمرارها، مرافقة للإنسان منذ القدم وحتى عصرنا الحاضر، بل من الطبيعي أن ينشغل العقل البشري بتطور الطاقة واستدامتها؛ لأن الحضارة والنمو والتطور، مرهونة بها وباستمرارها، ولا يمكن تصور مجتمع متعلم مشغول بالابتكارات وهو لا يستخدم الطاقة، أياً كان نوعها ووظيفتها.

تتضح هذه الحالة، وهذه الحاجة الماسة، بالعودة إلى التاريخ البشري، إلى الإنسان في عصور غابرة، حيث عرف الطاقة، واستخدمها لحمايته ولتساعده على البقاء والنجاة. وعندما نعود الآن وفي هذا العصر نحو ابتكار حلول جديدة للطاقة النظيفة، والمستدامة، فلأنها هي نفسها الطاقة التي استخدمها الإنسان في تلك العصور، الطاقة المستمدة من الطبيعة نفسها مثل النار، الماء، الرياح، ونحوها، مع أن الهدف في ذلك العصر كان متواضعاً أو محدوداً، في جوانب مثل توفير الضوء أو الدفء ونحوهما. وكما هو معروف، كانت النار هي شعلة الطاقة المتجددة التي غيرت الكثير في مسيرة البشرية، فمن خلالها تمكن الإنسان من طهي الطعام، والتدفئة، والإضاءة، ومع هذا فإنه استخدم أنواعاً أخرى من الطاقة، مثل الطاقة المائية، حيث ابتكر ومنذ وقت مبكر طرقاً لاستغلال قوة تدفق الأنهار والشلالات ومساقط المياه، لتحريك عجلات من خلالها ولّد طاقة حركية استخدمها في جوانب حياتية مثل طحن الحبوب، والتي بواسطتها زادت إنتاجية الخبز.

وهذا يوضح أن الطاقة المستمدة من البيئة الطبيعية كانت خياراً أزلياً وقديماً مع الإنسان، لكن الذي حدث في العصر الحديث، هو اكتشاف الفحم، والنفط، والغاز الطبيعي، والتي تسمى مصادر أحفورية، أو الطاقة الأحفورية، وحدث معها ثورة في الصناعات، ودخلت الآلة المعتمدة على هذا النوع من الطاقة، وتطورت تبعاً لها الكثير من الصناعات، حتى باتت مصادر الطاقة السائدة في العالم هي تلك التي تستخدم الطاقة الأحفورية، كما هو معروف. مع تنامي السكان في العالم، وتطور الحضارة، وتزايد الصناعات، واتساع كبير في استخدامات الطاقة الأحفورية، بدأت بالظهور تأثيرات بيئية سلبية، مثل انبعاثات الكربون والغازات، وملوثات الهواء. وغيرها الكثير. وهي الحالة التي نبهت لضرورة البحث عن مصادر مستدامة ونظيفة للطاقة، خاصة أنها ليست غريبة على الإنسان، وتحتاج فقط للتطوير والمزيد من المبتكرات.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/v57y5jhr

عن الكاتب

مؤلفة وكاتبة وناشرة، قدمت لمكتبة الطفل عدة قصص، وفي أدب الكبار أنجزت عدة روايات وقصص قصيرة، ونصوص نثرية. حازت على عدة جوائز أدبية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"