عادي

باقة ضوء

23:01 مساء
قراءة دقيقتين
1

«أسخى منا وأكرم»

خرج عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في سفر، ومعه تابع له، فلما جنَّ الليل، قصدا أقرب بيت في طريقهما، ونزلا ضيفين على صاحبه، وكان رب البيت رجلاً فقيراً ولم يعرف ابن عباس، فرحب به وأحسن لقاءه، ثم دخل إلى زوجته فقال لها: لقد قصدنا الليلة ضيف كريم، فهل عندك ما يصلح لعشائه؟

فقالت الزوجة: ليس عندنا سوى هذه الشاة الصغيرة، وإنَّ ما تدر من لبن هو إدامنا وغذاء طفلنا، قال الإعرابي: لا بد أن أكرم ضيفي بذبحها، والله يتولى أمرنا، ثم قام إلى الشاة فذبحها، وأعد من لحمها طعاماً لضيفيه.

وكان حديث الرجل مع زوجته قد وصل في سكون الليل إلى سمع ابن عباس، فلما أشرق الصباح قال لتابعه: كم معك من نقود؟ قال: معي ألف دينار.

قال: أعط الأعرابي سبعمئة دينار قال: أنعطيه سبعمئة دينار من أجل شاة لا تساوي ديناراً واحداً؟

قال: ويحك! إنه والله أسخى منا وأكرم، لقد جاد علينا بكل ما يملك، ونحن نجود عليه ببعض ما نملك.

«لم نرد منك هذا»

قالت عائشة رضي الله عنها: كان بيني وبين رسول الله كلام.

فقال: من ترضين أن يكون حكماً بيني وبينك؟ أترضين بأبي عبيدة بن الجراح؟

قلت: لا، ذلك رجل هين لين يقضي لك.

قال: أترضين بأبيك؟

قلت: نعم.

فلما جاء أبوبكر قال رسول الله: اقصصي.

قلت: أقصص أنت.

فقال الرسول: هي كذا وكذا.

فقلت: أقصد. فرفع أبوبكر يده فلطمني وقال لي: «أتقولين يا بنت أم رومان لرسول الله أقصد؟ من يقصد إذا لم يقصد رسول الله؟» فجعل الدم يسيل من أنفي ورسول الله يحجز بيننا ويقول لأبي بكر: «إنا لم نرد منك هذا». وجعل يغسل الدم من ثيابي ويقول: «أرأيت كيف أنقذتك من الرجل».

وفاء ومروءة

أقبل ثلاثة من الشباب إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهم يمسكون برجل وقالوا: هذا الرجل قتل والدنا، واعترف الرجل بجريمته، ولكنه طلب إمهاله ثلاثة أيام حتى يخبر أبناءه بثروة مدفونة لا يعرفها سواه، وضمنه الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري.

قاربت الأيام الثلاثة على الانتهاء، وكاد أبو ذر يُقتل بضمانه، وفي آخر لحظة قدم الرجل وعليه غبار الطريق وإجهاد السفر، فقال له عمر: لم حضرت وقد كان بإمكانك أن تهرب؟ فقال: خوفاً من أن يقال: ذهب أهل الوفاء بالوعد، فقال عمر لأبي ذر: وأنت لماذا ضمنته ولم تك تعرفه؟ فقال: خوفاً من أن يقال: ذهب أهل المروءة والكرم، فقال أبناء القتيل: ونحن عفونا وتسامحنا حتى لا يقال: ذهب أهل العفو عند المقدرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yn7ak5pw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"