عادي

«الألفاظ الكتابية».. معجم المعاني والمترادفات

23:53 مساء
قراءة 4 دقائق

الشارقة: جاكاتي الشيخ
مُؤلف معجم «الألفاظ الكتابية» أبو الحسن عبد الرحمن بن عيسى بن حماد الهمذاني أديب وكاتب وشاعر وإخباري، من أئمة اللغة والنحو في زمنه، عاش في العصر العباسي، وتعود أصوله إلى مدينة همدان في إيران، كان شيخاً صالحاً متعبداً لا يخالط الناس إلا قليلاً، لاعتكافه على شؤون دراسته وكتابته. عمل عبد الرحمن الهمذاني كاتباً للرسائل لدى بكر بن عبد العزيز بن أبي دلف العجليّ، والي همدان في خلافة المعتضد، الذي أصَرَّ على إبقائه إلى جانبه، وأولاه عناية ورعاية خاصة، فظلَّ يعمل لديه حتى وفاته سنة 327ه/ 939م، ويذكر أنه كان شاعراً مُقِلاً إلى جانب علمه الغزير في اللغة، وقد اشتهر كعالم لغة أكثر من كونه أديباً، حيث عرف من خلال كتابه «الألفاظ الكتابيَّة»، ويقال إنه عاش عُمراً طويلاً.

قال عنه ياقوت الحموي في معجم الأدباء: «كان الشيخ صالحاً وإماماً في اللغة والنحو ذا مذهب حسن، وكان كاتباً سديداً شاعراً فاضلاً، كتب لابن أبي دلف العجلي، وله مُصنفات قليلة كلها، كثيرة الفائدة، منها كتاب «الألفاظ الكتابية»، وهو صغير الحجم لا يستغني عنه طالب الكتابة، ولا محبّ العربية وآدابها».

ولقلة الأخبار حوله، لا يُنسَب إليه من الكتب إلا مؤلَّفان، هما: «الألفاظ الكتابية» الذي يُعنوَن كذلك ب«ألفاظ عبد الرحمن»، وب«كتاب الألفاظ»، و«صفو الراح من مختار الصحاح» وهو مخطوط.

«الألفاظ الكتابية» هو واحد من المعاجم الموضوعية أو المعنويّة، التي تجمع المفردات والتعابير وتوردها على أساس المعاني أو المواضيع، دون أن يكون ذلك حسب منهج تراتبي معيَّن، وهو مصنَّف نفيس في ألفاظ العربية، وأساليبها، وذخيرة لغوية في الترادف، والتشبيهات، وفنون القول، إنه كتاب أدب، وإنشاء، ولغة، وأمثال، ومعجم موضوعي يُسهِّل عملية الإنشاء الكتابي البليغ في اختيار المفردات، والتعبير في الموضوعات التي يُكتب فيها، يقول مؤلفه: «جمعتُ في كتابي هذا لجميع الطبقات أجناساً من ألفاظ كُتّاب الرسائل والدواوين البعيدة من الاشتباه والالتباس، السليمة من التقعير، المحمولة على الاستعارة والتلويح، على مذاهب الكُتّاب وأهل الخطابة دون مذاهب المتشدِّقين والمتفاصحين من المتأدبين والمؤدِّبين والمتكلّفين البعيدة المرام على قربها من الأفهام، في كلّ فن من فنون المخاطبات، ملتقطة من كتب الرسائل، وأفواه الرجال، ومُصنفات العلماء، فليست لفظة منها إلا وهي تنوب عن أختها في موضعها من المُكاتبة، أو تقوم مقامها في المجاورة، إما بمشاكلة أو بمجانسة أو بمجاورة، فإذا عرفها العارف بها وبأماكنها التي توضع فيها كانت له مادة قوية وعوناً وظهيراً».

هذا الكتاب حصيلةُ بحث حثيث من طرف المؤلف لحَصْر مادة لغوية ثريّة، مُستمدّة من القرآن الكريم، والأحاديث النبوية، والشعر العربي الأصيل، وأقوال العرب المأثورة، حيث يقدم لكل مفردة عدداً من الشروح والمرادفات التي تساعد القارئ على فهم معاني اللغة العربية وتوظيف كلماتها توظيفاً دقيقاً، وهو بذلك كنز من نفائس الكنوز اللغوية، من أفضل ما ألف في مَجاله، وذلك على الرغم من صغر حجمه، إذ جمع شذرات من المعارف، فجاء ممتعاً جامعاً على صغره، شاملاً رغم بساطته.

ويرى الباحثون أنه كتاب فريد مشهور عند قدماء أهل اللغة والأدب، بما يتميّز به من رصانة في اللغة، وسلامة من الأغلاط، وحسن في الأسلوب، وسلاسة في العرض والترتيب، فهو ضالَّة الأدباء والكتاب والمهتمين بتعلّم اللغة العربية وفهم دلالاتها، الذي به تتيسّر معرفة هذه اللغة الجميلة، وقد أثنى عليه العلماء كثيراً، إذ يُروى أن الصاحب بن عباد قال: «لو أدركتُ عبد الرحمن بن عيسى مُصنّف «كتاب الألفاظ» لأمرتُ بقطع يده»، فسُئِل عن السبب، فقال: «جمع شذور العربيّة الجزلة في أوراق يسيرة، فأضاعها في أفواه صبيان المكاتب، ورفع عن المتأدبين تعب الدروس والحفظ الكثير والمطالعة الكثيرة الدائمة»، وقال القفطي: «إن ألفاظ الهمذاني من الألفاظ اللغوية المختارة، وهي أحسن ما يستعمله الكتّاب»، وكتب مصطفى صادق الرافعي في رسالة بعث بها إلى صديقه محمود أبورية سنة 1912م، لما سأله عن رأيه في دراسة الأدب العربي: «... ثم عليك بحفظ الكثير من ألفاظ «نجعة الرائد» لليازجي، و«الألفاظ الكتابية» للهمذاني، وبالمطالعة في «يتيمة الدهر» للثعالبي، و«العقد الفريد» لابن عبد ربه، وكتاب «زهر الآداب» الذي بهامشه».

تناوله عدة علماء بالشرح والتصحيح، منهم: الحسين المعروف بابن خالويه، الذي صححه وعدَّل فيه وزاد بعض التعليقات والإضافات في المتن، وأبو البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري البغدادي الذي صححه أيضاً وعدّل فيه بالزيادة والنقص، ومحمد بن أحمد العميدي الذي شرحه. وقد وقع خلط في أول طبعة للكتاب سنة 1302ه من طرف مطبعة أبي الضيا في القسطنطينية، حين صححه مفتي بغداد آلوسي زادة مُعنْوَناً ب«كتاب ألفاظ الأشباه والنظائر»، ونسبَه إلى أبي البركات الأنباري، لأن آلوسي اعتمد على النسخة المحرّرة من طرف الأنباري، ولكن أول طبعة بعنوانه الصحيح «الألفاظ الكتابية» ونسبته لصاحبه عبد الرحمن الهمذاني، كانت سنة 1885م، من طرف الأب لويس شيخو، بمطبعة الآباء اليسوعيين في بيروت، مُعتمِداً على ثلاث نسخ قديمة محفوظة تثبتُ صحة نسبته إليه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yajw5c6m

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"