عادي

باقة ضوء

23:16 مساء
قراءة دقيقتين

خولة بنت ثعلبة

خرج عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ومعه المعَلَّى بن الجارود، فنادته امرأة من قريش فوقف فقالت له: يا عمر، كنا نعرفك مدة عُميْراً، ثم صرت من بعد عُميْر عمر، ثم صرت من بعد عمر أمير المؤمنين، فاتق الله يا ابن الخطاب، وانظر في أمور الناس، فإنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف الموت خشي الفَوْت، فقال المعلى: إيهاً يا أمة الله (1) فقد أبكيت أمير المؤمنين، فقال عمر: اسكت، أتدري من هذه؟ هذه خولة بنت ثعلبة التي سمع الله قولها، فعمر أحرى أن يسمع قولها ويقتدي به، وما قاله عمر يشير به إلى قوله تعالى: «قد سمع الله قوله التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله، والله يسمع تحاوركما، إن الله سميع بصير».

  • (١) إيهاً يا أمة الله: كفي عن الكلام

وعد الحر دَيْن عليه

قال عمارة الفقيه: كنت أجالس عبد الملك بن مروان في ظل الكعبة، فبينما أنا معه إذ قال لي: يا عمارة إن تعش قليلاً فسترى الأعناق إلي مائلة، والآمال نحوي سامية، وإذا كان ذلك فلا عليك أن تجعلني لرجائك باباً، فوالله إن فعلت لأملأن يديك غبطة، ولأكسونك نعمة سابغة.

ثم سار عبد الملك إلى دمشق وصارت إليه الخلافة فخرجت إليه زائراً، فلما انقضى سلامي قال: مرحباً بأخي، ونادى أحد غلمانه فقال: بوئه داراً، وآثره على خاصتي، وأقمت عنده عشرين ليلة أحضر غداءه وعشاءه، فلما أردت الانصراف إلى أهلي أمر لي بعشرين ألف دينار ومئتي ألف درهم، ومئة ناقة برقيقها وكسوتها، وقال لي: أتراني يا عمارة ملأت يديك غبطة؟ فقلت: يا سبحان الله يا أمير المؤمنين، وإنك لذاكر لذلك؟ قال: نعم، والله لا خير في من ينسى ما وعد به، ويذكر ما أوعد (هدد) وما كان ذلك عن خبر سمعته ولا حديث كتبته، غير أني في الحداثة عقلت أشياء رجوت أن يرفع الله بها درجتي وينشر بها ذكري، قلت: ما هي يا أمير المؤمنين؟ قال: كنت لا أهتك ستراً ستره الله دوني، ولا أرتكب محرماً حظره الله علي، ولا حسدت، ولا بغيت، وكنت من قومي واسطة القلادة، وكنت أكرم جليسي، وأرفع قدر الأديب، وأكرم ذا الثقة، وأداري السفيه، وأرحم الضعيف، فبذلك رفع الله قدري.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc6kdyhw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"