اختبار المصداقية الأمريكية

00:18 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

تقرير إدارة بايدن الذي قدم إلى الكونغرس، قبل أيام، حول ما إذا كانت إسرائيل قد انتهكت حقوق الإنسان والقانون الدولي جراء استخدامها السلاح الأمريكي في قتل عشرات آلاف الفلسطينيين خلال حربها على قطاع غزة، وضع المصداقية الأمريكية على المحك، بعد أن اكتفت الإدارة بانتقاد الطريقة التي تستخدم إسرائيل فيها هذا السلاح بذريعة عدم وجود أدلة كافية على وجود انتهاكات.

اللافت أن التقرير الذي صاغته الخارجية الأمريكية، والذي تأخر إصداره عدة أيام، بسبب الانقسام الحاصل بين موظفي الوزارة، يتناقض مع ما اعترف به الرئيس بايدن علناً، في تبريره تعليق إرسال بعض أنواع الأسلحة والذخائر، بأن الأسلحة الأمريكية استخدمت في قتل المدنيين الفلسطينيين وهو ما يتناقض أيضاً مع التحذيرات التي أطلقها الكثير من القادة السياسيين والعسكريين الأمريكيين حول انتهاكات إسرائيلية محتملة لحقوق الإنسان والقانون الدولي والقانون الأمريكي نفسه المعروف باسم «قانون ليهي»، الذي يفرض قيوداً على استهداف المدنيين، ويمنع القتل العشوائي، ويحظر استخدام الأسلحة الأمريكية في معارك لا تميز بين المقاتلين والمدنيين. وهو ما كان قد دفع إدارة بايدن في فبراير (شباط) الماضي إلى الطلب من إسرائيل توقيع مذكرة ضمانات تؤكد التزامها بالقانون الأمريكي خوفاً من ملاحقات جنائية لاحقاً قد تصل إلى اتهام الولايات المتحدة بالمشاركة في جرائم «إبادة».

وفي ضوء إعلان بايدن، مؤخراً، عن تعليق شحنة أسلحة وقنابل ثقيلة لإسرائيل بالتزامن مع إصرار نتنياهو على تحدي الإدارة الأمريكية في اجتياح رفح، اجتاحت إسرائيل نوبة من الغضب دفعت الجمهوريين الإمريكيين إلى المطالبة بالتراجع عن هذا القرار، وتقديم تقييم إلى الكونغرس حول ما إذا كان هنالك انتهاكات، وهو ما حدث بالفعل.

التبرير الذي ساقه تقرير الخارجية الأمريكية في عدم توجيه اتهام مباشر لإسرائيل بالانتهاكات يستند إلى أنها تعتمد إلى كبير على الأسلحة والذخائر الأمريكية الصنع ما يصعب مراقبتها، وأن طبيعة النزاع في غزة، كما يسميها التقرير، «تجعل من الصعب تقييم الحوادث الفردية أو التوصل إلى نتائج حاسمة بشأنها»، وهي مغالطة واضحة تعتمد وجهة النظر الإسرائيلية القائمة على تبرير القتل الجماعي والفردي بذريعة تداخل الأهداف العسكرية والمدنية. هكذا تعمدت الإدارة الأمريكية التهرب من تقديم إجابة واضحة عن الانتهاكات الإسرائيلية، ولكن ماذا عن منع وتقييد إدخال المساعدات وسياسة التجويع وقتل عمال الإغاثة وتدمير المستشفيات والمجازر الجماعية، وهي كلها فظائع تقرها المنظمات والهيئات الدولية، ويشملها قانون «ليهي» الأمريكي نفسه.

ربما يكون التساؤل مشروعاً هنا حول القدرات التكنولوجية الأمريكية، الأحدث في العالم، وحول الأقمار الصناعية وأجهزة التجسس وغيرها، ما يتيح للولايات المتحدة المعرفة الدقيقة بالانتهاكات الإسرائيلية وتفاصيلها. من المؤكد أن إدارة بايدن كانت، ولا تزال، تواجه معضلة سياسية وأخلاقية في تقييمها للأداء الإسرائيلي بشأن استخدام السلاح الأمريكي، وهو ما يضع مصداقية الولايات المتحدة على المحك.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/58yr764b

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"