غياب روبرت سولو.. عبقرية المتبقي

22:38 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عبدالعظيم حنفي

في 21 ديسمبر 2023، وفي منزله في ليكسينغتون، ماساتشوستس. وعن عمر يناهز 99 عاماً، غيب الموت روبرت إم. سولو، الاقتصادي الرائد الذي استحدث نموذجاً يمثل علامة فائقة أحدثت تغيراً جوهرياً في طريقة تطور الاقتصادات ونموها. وقد فاز بجائزة نوبل الاقتصادية، عام 1987 عن مساهماته المبتكرة في نظرية النمو. وحتى وفاته كان يعمل أستاذاً فخرياً في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.

وقد اعتمد «سولو» على شكل تم تطويره نتيجة للخلافات حول نظرية الإنتاجية الحدية في العشرينات على يد عالم الرياضيات «تشارلز کوب» والاقتصادي «بول دوجلاس» لوصف البيانات التي أثبتت أن نصيب الدخل الذي يحصل عليه كل من العمال وأصحاب رأس المال بقي ثابتاً بطريقة ملحوظة عبر الزمن، على الأقل في الاقتصاد الأمريكي. (مثلت الأجور 75% من الإنتاج في السنوات ما بين 1899 و1922). التوصل إلى دالات أكثر عمومية كان سيؤدى إلى العمل بطريقة أفضل، على حد قوله، وعمل مع الآخرين لإنتاج هذه الدالات. وكان أغلب أرباب المهنة راضين عن الصيغة الأسهل.

ولأغراض خاصة بنموذجه، حافظ «سولو» على افتراض المنافسة الكاملة. سيحصل رأس المال والعمل على إنتاجهم الحدي، وإذا ما تم تغيير ذلك من قبل أي من الطرفين، سيحدث تناقص في العوائد. وأي جزء من أجزاء نمو الإنتاج الحقيقي لا يمكن إرجاعه إلى أي من رأس المال أو العمل سوف يرفق إلى معلمة «التغيير التقني» في نموذجه وتعني أن نمو الناتج / الدخل هو عبارة عن دالة في تراكم العمل ورأس المال مضروبة في قيمة ثابتة تمثل معدل نمو المعرفة. وتم التعامل مع تزايد العوائد على أنه احتمال وارد.

وكان «سولو» في حاجة إلى افتراض صريح حول المعدل الذي يتحقق به التقدم التقني وذلك حتى يبدأ النموذج في العمل. وجد «سولو» ضالته في «التقويم الزمني»، وفي الافتراض البسيط بأن المعرفة تتزايد بطريقة ثابتة بمرور الوقت، عاماً بعد عام. ولما كان سولو قد قرأ كثيراً ل «جون ستيوارت ميل» حول تداعيات تناقص العوائد في حالة الثبات. وفي النهاية لم ير أي جدوى من الاختلاف معه. فرأى اتباع نفس المنهج. سيفترض أن المعرفة تتزايد بطريقة خارجية. وسيفترض أن النمو سيصل تدريجياً إلى مرحلة الثبات - وهي النقطة التي عندها ستؤدي أي زيادة ضئيلة في رأس المال إلى حدوث الكساد وزيادة في نمو السكان. وعند هذه النقطة التي يتحقق عندها النضج أو راحة المتعة كيفما شئت أن تسميها سوف يتوقف النمو.

وقد وصف «سولو» التكنولوجيا في نموذجه على أنها سلعة عامة، مثلها مثل المذياع. فهي نتيجة لشيء كانت تقدمه الحكومة، لأي فرد يريد الاستماع وإدارة زر المذياع. والاقتصاديون الرياضيون - نظراء تجار الأثاث الفاخر، والمعماريون، والشعراء - يسهل في عام 1956 أن يرجعوا هذا النمو في المعرفة إلى قوى غير اقتصادية في خلفية الأحداث، وافتراض أن التأثير في الحد من السيطرة هو أمر يفوق قدرات السياسة الاقتصادية، وأن التحرك الحقيقي سوف يكمن في التلاعب في بعض المتغيرات الاقتصادية التقليدية.

ظهرت مقالة «مساهمة في نظرية النمو الاقتصادي» في الصحيفة ربع السنوية للاقتصاد The Quarterly Journal of Economics

كان الأثر الفعال الحقيقي لصياغة نموذج سولو في الشكل البياني الذي صمم لشرح مسار النمو المتوازن. وقد توصل «سولو» إلى هذا الشكل على حين غرة عندما كان مصطحباً أحد أطفاله إلى طبيب الأطفال. واستعار بعض الأوراق (من كراسة الروشتات) ورسم أفكاره عليها. منحنيان متقاطعان يوضحان المعادلات الرئيسية للنموذج، حيث بين أحدهما دالة الإنتاج في حين مثل الآخر معدل تراكم رأس المال.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/57pp2daa

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"