عادي
برع في تقديم مقطوعات تشايكوفسكي وفاجنر وموزارت

تيودور كرانتزيس: الثقافة والفن من أهم أركان التطور في دبي

21:38 مساء
قراءة 4 دقائق
  • الإمارات محطة فنية حاضنة وجاذبة للإبداع
  • الموسيقى الكلاسيكية تراث البشرية جمعاء
حوار: مها عادل
استضافت دبي أوبرا على مدار يومين حفلات موسيقية من الطراز الرفيع قدمتها الفرقة الأوركسترالية «ميوزيك أتيرنا» بقيادة المايسترو العالمي تيودور كرانتزيس، الذي اشتهر بقدرته على المزج بين الألحان الكلاسيكية والنغمات الحديثة، وبرع في تقديم مقطوعات تشايكوفسكي وفاجنر وموزارت وغيرها من المعزوفات الخالدة لأشهر الملحنين في العالم، ولكن بروح تجمع بين الأصالة والمعاصرة ليسجل اسمه في لوحة الشرف والتميز بتاريخ الموسيقى العالمية.
وخلال زيارته لدبي، «الخليج» كانت حاضرة لعرض أفكاره ورؤيته للمناخ الفني والثقافي.

يقول تيودور كرانتزيس: «دبي مدينة مهيبة تتطور بسرعة هائلة، إنّها بديل حقيقي للمدن الأوروبية التي تم بناؤها في العصور الوسطى أو في القرنين السابع عشر والثامن عشر في معالمها وحضارتها، وتعتبر الآن معياراً لجمال الهندسة المعمارية وتجذب الناس من أنحاء العالم الذين يرغبون في زيارتها أو العيش بها. ويبدو أنّ دبي تعتمد كثيراً على الاهتمام بالثقافة في تطورها. وذلك لأنّ المدن التي تركز حصرياً على الصناعة أو الأعمال التجارية تزدهر مالياً، ولكن من الصعب عليها الفوز بقلوب الناس، الثقافة والفن عنصران مهمان جداً في الحضارة. وأنا الآن لا أتحدث عن الثقافة الأوروبية فحسب، بل أتحدث أيضاً عن الثقافة العربية التي تتميز بالثراء والتفرد بنفس القدر تماماً».
وعن رؤيته للثقافة والموسيقى العربية ومستقبلها، يقول: «أحب وأقدر الثقافة العربية، وفي رأيي أنّ المناخ الفني الحالي الذي يتشكل في دبي يتمتع بميزة كبيرة، حيث يفتح مزيداً من الآفاق الجديدة أمام المبدعين بكل المجالات، وتعتبر الإمارات محطة فنية حاضنة وجاذبة للإبداع، وبها يجد المرء كل مقومات وملامح مركز ثقافي عالمي فريد من نوعه يقوم على الاتحاد بين التراث الوطني الثري والثقافة الأوروبية الأكاديمية، بحيث يأتي الناس من أنحاء العالم ليس فقط للعمل، وليس فقط للترفيه، ولكن أيضاً لحضور الفعاليات الفنية الفريدة».
ويعقد المايسترو العالمي مقارنةً بين إمكانات وموقع مبنى دبي أوبرا وغيرها من المسارح العالمية: «يبدأ تميز هذا الصرح الفني منذ لحظة الوصول إليه، فالتصميم الخارجي للمبنى في حد ذاته والتناغم بينه وبين المنطقة المحيطة به، حقاً إنجاز معماري، ومن الداخل تكتشف أنّه إنجاز مذهل عندما تختبر البنية التحتية، والإمكانات والتقنيات السمعية والبصرية واتساع المساحة وتعدد استخدامات القاعة المرنة وفي رأيي، لا يزال لدى دبي المزيد من الإبهار والقدرة على تحسين القاعة نفسها حتى تُصنف ضمن أفضل أماكن الحفلات الموسيقية في العالم».
وأشار إلى الاستعدادات التي خاضها مع فريقه قبل مواجهة جمهور دبي، قائلاً: «أمضينا ساعات وأياماً طويلة في غرفة التدريب للتحضير لهذه الحفلات، لأنّنا نحرص على احترام ذوق وثقافة الجمهور في دبي، وأن نؤدي برنامج الحفل بأفضل مستوى يليق بهم وبنا».
وأوضح أنّ «الموسيقى الكلاسيكية تراث البشرية جمعاء، وليست تراث الأمم الفردية، وتتحدث هذه الموسيقى إلينا بلغة عالمية يمكن للجميع فهمها، ورغم ذلك فإنّه يجب أن تعبر الموسيقى عن الحالة الداخلية للشخص، وأن تحتوي على رسالة عاطفية يمكن للجميع الارتباط بها. يجب أن يترك الانطباع بأنّ هذه الموسيقى كتبت بالأمس فقط. ولتحقيق ذلك لا بد من التعامل مع ما كتبه الملحن بحساسية كبيرة، حتى يتمكن من إيصال فكرته بأكبر قدر ممكن من الدقة. بكل الأحوال، يحتاج المرء إلى الإلهام للقيام بذلك، لأنّه إذا لم تكن متحمساً بصدق لما تفعله، فلن تكون قادراً على أسر الآخرين وقيادتهم».
وأشار إلى أنّ «الإلهام يأتي من حب لا حدود له للموسيقى وشغف عاطفي للحالة التي تجلبك إليها الموسيقى. الموسيقى جوهرة، وكل موسيقي هو صائغ يصقل هذا الحجر الكريم بحذر. عندما يأخذ ماسة، فإنّه بعناية شديدة، باستخدام كل خبرته ومهارته، يشكلها، بحيث تكتسب قيمة جمالية، بالإضافة إلى قيمتها الطبيعية، هذا هو عمل الموسيقي. هذه العملية لا يمكن إلا أن تكون مليئة بالإلهام».
ويحذّر المايسترو من طمس روح وهوية العمل الكلاسيكي عند التجديد ويقول: «من الضروري التعامل مع المصدر الأصلي وهو– النص الذي كتبه الملحن – باحترام واهتمام كبيرين لفهم ما أراد نقله. بعد ذلك، يمكن أن نبحث بعناية كبيرة وحرص عن نهج يسمح بتنفيذ هذه الفكرة بدقة أكبر. لا حاجة هناك إلى النسخ الحرفي لكيفية ظهور الموسيقى في وقت كتابتها. ومع ذلك، يتعين على المرء أن يحاول فهم نوع الصوت الذي كان الملحن يعتمد عليه، وما كان يمكن أن يسمعه في مخيلته. هذا هو ما يسمى التفسير: ما هي الرسالة العامة وما الفروق الدقيقة التي «تقرأ» بها هذا النص، وماذا تقصد، وما نوع «الترجمات» التي تضعها في ذهنك من أجل نقل المعنى الكامن في النص بدقة؟، وللإجابة عن هذه التساؤلات لابد من دراسة مكثفة وتدريبات بمنتهى الحرص والوعي، فهي مسؤولية كبيرة لا يمكن التهاون بها».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/t5karppp

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"