مغامرات خالدة

00:02 صباحا
قراءة 3 دقائق

د.باسمة يونس*

يساعدنا أدب الرحلات على إيجاد خيوطنا المشتركة، على الرغم من الاختلافات الخارجية في اللباس، أو اللغة، أوغيرهما من علامات الهوية، ويلهم القراء للاستكشاف بأنفسهم، وبناء الجسور بين الثقافات.

ويظهر لنا هذا الأدب اشتراك الناس في جميع المجتمعات في أوجه تشابه أساسية، مثل الحب، والحزن، والفرح، فبغضّ النظر عن المكان الذي نسافر إليه، ستتاح لنا رؤية الخط الأساسي للتجربة الإنسانية المشتركة، والاعتراف بعالميتها.

وكما اعتبر أدب الرحلات وسيلة لنقل الثقافات، وتجارب السفر، فهو يمنح القرّاء فرصة للاطلاع على لمحات من أماكن وعوالم قد لا يكون بإمكانهم زيارتها بأنفسهم، وينقلهم إلى أراضٍ بعيدة، وثقافات غير مألوفة، توسع وجهات نظرهم، وتكشف التشابه والاختلاف بين الناس عبرالثقافات، فهو بمثابة أداة قوية لتعزيز التواصل، ومشاركة روايات متنوعة من كل أرجاء العالم.

وكما تمكّن هذا الأدب من توفير مقطوعات وتفاصيل رائعة عن السفر، وجمالياته، سهلت عليه التكنولوجيا تجاربه، وإجراء البحوث وتجهيز المواد اللازمة للرحلات، بدءاً من الخرائط التفاعلية، وصولاً إلى مراجعات الفنادق، والنصائح السياحية، لتقديم محتوى أكثر دقة وتفصيلاً، يزيد من مصداقيتها وجاذبيتها.

ومع تطور التكنولوجيا الحديثة شهد أدب الرحلات تطوراً ملحوظاً في طرق عرضه، ونشره، وتوهجت الرحلات بمزيد من الحضور وتسليط الضوء على الكنوز غير العادية التي لم يرها الكل من قبل.

وسهل الإنترنت على الكتّاب الوصول إلى جمهور أوسع، ونشر أعمالهم بسرعة أكبر في المدونات، والكتب الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، والمنصات مع إمكانية التحديث المستمر، والتفاعل، المباشر، والاستفادة من تعليقات القرّاء، وإثارة فضولهم ونقلهم خارج افتراضاتهم الثقافية الأصلية، وتوليد التعاطف بينهم، وإشعال الانبهار والإحساس بمعنى العالم الأوسع.

وسمح التنوّع في الوسائط بتعزيز تجارب أدب الرحلات الحيّة، من خلال الصور، والفيديوهات، والمقاطع الصوتية، والنصوصن فهي لا تساعد على نقل التجربة بشكل أكثر واقعية فقط، بل تسهم أيضاً في جذب انتباه القارئ، وتوفر له تجربة غنية وشاملة تجعله يعيش التجربة بنفسه، وتسهّل على الكتّاب تقديم محتوى أكثر دقة، وتفصيلاً، ما جعل أدب الرحلات أكثر حيوية وتنوعاً، وفرصة عظيمة لاستكشاف العالم بطرق جديدة، ومبتكرة.

لقد أغنى الإنترنت تجربة أدب الرحلات، فقد نقلت المدونات والقنوات المختلفة، وقائع السفر بالصور والأفلام والتعليقات المباشرةن ومكّنت الناس من مشاركة تجاربهم بشكل فوري، أسهم في تنوّع وتعدّد الأصوات، لتعزيز ونشر وتوسيع تأثيره. ومنح ظهور منصات جديدة، مثل المدونات الشخصية وصفحات السفر على وسائل التواصل الاجتماعي، فرصاً للأشخاص لمشاركة تجاربهم بشكل فوري ومباشر، بحيث يمكن لأي شخص الآن أن يكون كاتب رحلات ويشارك مغامراته مع العالم.

وأتاحت التكنولوجيا الحديثة للقراء فرصة التفاعل مع مؤلفي أدب الرحلات بشكل لم يكن متاحاً من قبل، فيمكنهم الآن ترك تعليقاتهم، وطرح أسئلتهم ومشاركة آرائهم حول ما يقرأونه، عدا عمّا يعرفونه من حكايات غير منشورة، ما يعزز من تجربة القراءة، ويجعلها أكثر حيوية وتفاعلية، إضافة إلى تمكين المؤلفين من الاستفادة من ردود الفعل الفورية لتحسين محتواهم، وتلبية احتياجات قرّائهم بشكل أفضل.

ولا شك في أن أدب الرحلات قد تطوّر، واستفاد بشكل كبير من هذه التقنيات، بداية من التوسع في النشر، والوصول والتفاعل والمشاركة مع القراء، وكلها عوامل أسهمت في تعزيز وتطوير هذا النوع الأدبي مع وجود دور مهم للتفاعل والمشاركة بين القراء والمؤلفين، والمساهمة أحيانا في المحتوى من خلال التعليقات، والمناقشات، والإضافات التي يقدمها القراء، ليتمكن الإنترنت من إثراء تجربة الكاتب بدلاً من القضاء عليها، وزيادة هذا الأدب سحراً، ومتعة، وثراء.

* [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2pst35d5

عن الكاتب

​كاتبة ومستشارة في تنمية المعرفة. حاصلة على الدكتوراه في القيادة في مجال إدارة وتنمية المواهب وعضو اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ورابطة أديبات الإمارات. أصدرت عدة مجموعات في مجالات القصة القصيرة والرواية والمسرح والبرامج الثقافية والأفلام القصيرة وحصلت على عدة جوائز ثقافية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"