هل ينجح «تقدم»؟

00:21 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

لا يمكن التهوين من أي جهد غايته الإسهام في وقف الحرب في السودان، خاصة أن خسائرها، بعد أن تجاوزت عامها الأول بشهر، فادحة على كل المستويات حتى اتفق الجميع على أننا إزاء أزمة إنسانية.

هذه الأزمة تتراكم صورها بالنزوح، واللجوء، وانعدام الأمن والخدمات الصحية، وتنقّل شبح الجوع بين أكثر من منطقة، في ظل شكوى بعض السودانيين من تراجع الاهتمام بمحنة وطنهم، وهي محنة عربية وعالمية أيضاً، وسط استئثار الحرب في غزة بكل الاهتمام والتحركات.

التراجع هذا ربما يكون أحد منطلقات تنسيقية القوى المدنية السودانية (تقدم) في تحركها الأحدث صوب هدف مأمول لها ولغيرها، هو وقف الحرب في السودان وإقناع طرفيها: الجيش وقوات الدعم السريع، بالانخراط في حوار جدّي يوقف المحنة بما يمهد لإعادة البلد إلى سكة المستقبل المنشود.

الأمل أن تنجح جهود التنسيقية التي بدأت في أديس أبابا، أمس الاثنين، مؤتمرها التأسيسي بمشاركة أكثر من 600 من ممثلي الكيانات والأحزاب السياسية والمدنية والمهنية والشبابية والنسوية والأهلية. وقد يكون هذا المؤتمر بداية لاستعادة الصوت المدني في السودان حضوره بعد أن غيّبه، أو أضعفه، الاحتكام إلى السلاح وما ترتب عليه من آثار بينها الانقسام في تأييد طرفي الحرب.

المؤتمر يعيد إلى الواجهة صوتاً بارزاً كان رهاناً مدنياً قبل اندلاع الحرب، وهو د. عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء السوداني السابق، ورئيس الهيئة القيادية لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية، الذي يرى ومن معه أن أزمة السودان غير مسبوقة في تاريخه، لذلك فإنه لا شيء أهم للسودانيين من وقف الحرب.

المهمة ليست سهلة، وسبق تحرك القوى المدنية، بغير نتيجة، مساعٍ عربية وإقليمية ودولية لجمع طرفي الحرب حول مائدة تفاوض في موازاة الجهود الإغاثية لتخفيف التبعات الإنسانية للصراع.

ومن المهم أن يبني المؤتمر على هذه الجهود وينطلق منها، لذلك فإن حمدوك شكر أصحابها؛ إيماناً بأن تكامل المساعي الداخلية والخارجية يمكن أن يفضي إلى بدايات حل شامل للأزمة السودانية.

مرة أخرى، المهمة ثقيلة وتحتاج، بالإضافة إلى حتمية رغبة طرفي الحرب في إنهائها، إلى عمل دؤوب، خاصة أن القوى المدنية جهّزت للنقاش في مؤتمرها مبادئ تتوزع على محاور كثيرة ستصطدم لا محالة برغبات وطموحات أطراف أخرى، خاصة العسكرية.

تبدو المحاولة هنا طموحة وهي تستعيد هدفاً تبدد مع بدء الحرب وهو تأسيس دولة حديثة قائمة على المساواة والعدالة. والطريق إلى ذلك تتعدد مساراته بين إنهاء الانقسام العسكري ومداواة ما أحدثه في الجسد السوداني، وإقامة مؤسسات للسودان والسودانيين فقط تملك أدوات محاسبة من أخطأ، وتسد فجوات التفاوت بين الأقاليم، وتبعد احتمالات الانزلاق إلى حروب أهلية، وتعيد الثقة إلى شعب لا تنقصه مقومات التمتع بوطن بالمعنى الحقيقي.

لعل مؤتمر تنسيقية القوى المدنية السودانية يكون خطوة تسند ما قبلها من خطوات؛ لإنهاء المحنة وتعويض السودانيين عما فات.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/56224jks

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"