بصيص نور

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

في الأمل حياة أخرى، شعور بالرضا والطمأنينة، راحة بال وقلب.

الأمل الذي لا يكون بمعزل عن الرؤية، عن معرفة أن الله لا يتخلى عن مخلوق، ولا يقدّر إلا ما فيه الصلاح والخيرة لكل حيّ في هذا الكون، ولو بدا أمراً سيئاً، بل وفي اللب من السوء.

لماذا كتب الأولون علومهم وأخبارهم على الجدران، والألواح الخشبية، والكهوف، والصخور، إلا لأملهم بأن غيرهم سيأتي، وسيكتب تاريخهم، ويدرس حضاراتهم؟

لمَ غرس الإنسان أشجاراً، وبذر مختلف البذور إلا لأمله بأنه سيأكل ثمارها، أو أن أبناءه سيفعلون؟

هكذا يكون للأمل نتائج تجعل كل فرد يحاول إعمار قلبه، قبل أرضه.

الأمل الذي يأتي بمنزلة نور يبزغ في قعر الظلام حتى وإن كان صاحبه في غياهب الكهوف. الذي يحل على قلب أحدهم حين يتصحّر حسرة، أو حزنا، أو قلقاً، فيحيله جنة ومروجاً.

في الصعاب لا نتمسك إلا بالأمل، في المرض الذي يأخذ منا الكثير ويجعلنا بين مطرقة الخوف وسندان القلق، في الحروب التي تقتل، وتهجّر، وتيتّم، وتهدم، في العقبات التي تواجهنا في حياتنا اليومية العادية، في تلك التي تعصف بنا في أشد لحظات التعب، والحزن، والعثرات التي ما إن نقف بعدها حتى نتعثر بأخرى، كأننا أمام كومة من عثرات، وكبوات، في كل تلك المواقف، في كل اللحظات التي نشعر فيها بأن أجسادنا، وأنفسنا، وأرواحنا، لا تستطيع تحمّل المزيد، نجد الأمل نوراً وبلسماً ويقيناً بأن الله معنا، وأن هذه الصعاب والآلام لابد وأن تزول، لنعيش الهناء والاستقرار.

يصعب على من هو في العمق من المواقف الكالحة، والظروف الصعبة أن يتمسك بشعاع الأمل، لأنه يبدو أحياناً ضرباً من الوهم، أو نوعاً من السّراب، لكن ما إن يستشعر أحدنا بصيص نور من أمل حتى يحاول تتبّعه، والتمسك به، فيبدو كغارق يبحث عن قشة، أو قطعة خشب منسية في وسط محيط. هذا التمسك، وهذه الرغبة في الحياة، وفي تصديق أن بعد كل عقبة استراحة حتى وإن بدت مؤقتة لكنها كفيلة بأن تجعلنا نستعيد شيئاً من رباطة الجأش والطمأنينة بأن القادم أجمل، وأننا نستطيع استكمال طريق التحدي، وإن بدا شائكاً متعرجاً، أو حتى مسدوداً لا يؤدي إلى وجهة واضحة، ما لم نستطع كسر الحواجز والجدران ورؤية ما بعد الآنيّ لنصل لغد مشرق.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/tufaw2x8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"